المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

528

لا بالمسامحة العرفية، وتكون النجاسة على تقدير ثبوتها بعد زوال التغيّر بقاءً للنجاسة السابقة، ولو فرضت بجعل آخر فإنّها تكون من قبيل حرارة الماء التي كانت بالنار ثمّ زالت النار، واحتمل أنّه جُعِل الكهرباء بدلاً عن النار، فإنّ حرارة الماء عندئذ وإن كانت بسبب ثان تعدّ بقاءً للحراراة السابقة ويجري الاستصحاب.

نعم، إشكال تغيّر الموضوع يأتي حينما يحصل التعدّد في الوجود الخارجي، وذلك في بابين:

1 ـ باب الاستحالات بناءً على أنّ الاستحالة توجب التعدّد في الوجود، فالكلب كان وجوداً ارتفع، والملح وجود آخر طارئ، ويكفي الشكّ في وحدة الوجود لعدم جريان الاستصحاب، فإنّ المقصود بالاستصحاب إثبات الحكم لهذا الموجود في حين أنّنا عندئذ نشكّ في أنّ هذا الموجود كان الحكم ثابتاً له سابقاً.

2 ـ ما إذا كانت الحيثية المفقودة بنفسها موضوعاً للحكم ولو احتمالاً، لا الذات المتحيّث بها، بأن يقال مثلاً: إنّ موضوع الحكم في قلّد العالم، وأعط الزكاة للفقير ليس هو العالم والفقير، بل العلم والفقر، فمرجع جواز تقليد العالم إلى جواز أخذ العلم منه، وقد فرض زوال العلم، ومرجع وجوب إعطاء الزكاة للفقير إلى وجوب سدّ عوزه وفقره بالزكاة وقد زال العوز والفقر، فعندئذ لا يجري الاستصحاب لتعدّد الموضوع.

ومن هنا يتّضح الحال في البحث عن الاُمور التي يقال: إنّها حيثيات تقييدية وإنّ زوالها يخلّ بالاستصحاب، فحقيقة المطلب في ذلك هي: أنّ الحيثية المأخوذة إن كانت تُعدِّد الوجود الخارجي: إمّا من باب الاستحالة أو من باب أنّ الحيثية هي الموضوع للحكم لا الذات المتحيّث بها، فزوالها يضرّ بالاستصحاب، وإلاّ فلا.

والعبرة بالوحدة والتعدّد في الوجود الخارجي والمصداق لا في المفهوم.

وهنا ينفتح باب البحث عن أنّه هل العبرة بالوحدة في الوجود الخارجي عقلاً، أو العبرة بوحدته عرفاً؟ فإنّه قد توجد الوحدة العقلية من دون الوحدة العرفية، وذلك كما في مورد الاستحالة فالملح عرفاً وجود آخر غير الكلب وإن كان عقلاً جسماً واحداً بناءً على أنّ الفارق العلمي بينهما إنّما هو في الاختلاف التركيبي في الجزيئات، وقد توجد الوحدة العرفية دون الوحدة العقلية كما في النور المستمرّ ساعة من الزمان مثلاً، فإنّه وجود واحد عرفاً في حين أنّه وجودات عديدة عقلاً حسب ما يقال من أنّه بالنظر العلمي ينطفئ ويرجع في كلّ دقيقة مئآت المرات.