المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

53

التقديري، بمعنى كون الشيء المقدّر تكراراً لشيء مذكور.

وأمّا الثاني؛ فلأنّ ما يكون على خلاف الأصل هو أن يعتمد المتكلّم في فهم شيء على مجموع الكلام والقرائن الحاليّة والمقاليّة ونحو ذلك من دون أن يصرّح بذلك الشيء، وأمّا في ما نحن فيه فهو صرّح أوّلاً بعدم وجوب الوضوء بقوله: «لا»، وجعل لذلك غاية، وهي قوله: «حتّى يستيقن أنّه قد نام»، ثمّ فرض عدم الغاية بقوله: «وإلاّ»، والمترقّب ـ عندئذ ـ أن يأتي الجواب لفرض عدم الغاية بعين ما مضى من التصريح به من الحكم المغيّى بالغاية التي نفيت، إلاّ انّه إعتمد على ذلك التصريح، فلم يذكر الجواب، وليست في ذلك أيّة مؤونة بحسب النظر العرفي.

وأمّا الاحتمال الثاني فغير صحيح؛ إذ لو فرضت جملة: (فإنه على يقين من وضوئه) مقدّمة للجواب، وقوله: (ولا ينقض...) هو الجواب، ورد عليه: أنّه لا يصحّ دخول الواو على جواب الشرط. ولو فرضت تلك الجملة تتمة للشرط، وقوله: (ولا ينقض...) جواباً، ورد عليه مضافاً إلى ذلك: أنّه لا يصحّ دخول الفاء على ما هو تتمّة للشرط(1)، فهذا الاحتمال غير منسجم مع المحاورات العرفية.

وأمّا الاحتال الثالث، فقد ناقش فيه المحقّق الخراساني(رحمه الله) بأنّ الجزاء لا بدّ أن يكون مرتبطاً بالشرط، وكونه على يقين من وضوئه غير مرتبط بعدم تيقّنه بالنوم(2).

وذكر المحقق الإصفهاني(قدس سره) أنّ الربط بينهما موجود باعتبار ملازمة اليقين بالوضوء لعدم اليقين بالنوم(3).

أقول: إنْ اُريد اليقين بالوضوء حدوثاً أو اليقين بذات الوضوء بغضّ النظر عن حدوثه وبقائه، فهذا ثابت في نفسه بلا فرق بين أن يشكّ في النوم أو يقطع بوجوده أو عدمه. وإن اُريد اليقين بالوضوء بالفعل فهذا كذب؛ لأنّ المفروض هو الشكّ. وإن اُريد اليقين التعبدّي كان هذا خلف مفروض الكلام فعلاً.


(1) صحّة وعدم صحة دخول الفاء على تتمة الشرط ترتبط بكيفية كون تلك التتمّة تتمّةً، فقد تكون سنخ تتمّة ترتّب على الجزء الأوّل من الشرط بالفاء،كقولك: (إن ضربت زيداً فمات وجبت عليك ديّة كاملة)، وفي المقام قوله: «فإنّه على يقين من وضوئه» لا ينسجم معناه في ذاته مع كونه تتمّة للشرط، وكلمة (إنّ) ـ أيضاً ـ تأبى ذلك، وكون الشرط محذوفاً باستثناء حرف لا ـ أيضاً ـ يأبى ذلك، فليس من المقبول العطف على المحذوف سواء بالفاء أو بغير الفاء.

(2) راجع تعليقة الآخوند على الكفاية: ص 179، بحسب طبعة بصيرتي.

(3) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 42 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.