المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

531

السنين بالضبط يقول: نعم، هو عينه بالضبط، في حين أنّنا نعلم بتبدّل كثير من أجزائه، وهذا النوع من المسامحة ـ بالرغم من فرض عدم سرايته إلى المفهوم ـ يؤثّر في فهم المقصود من الألفاظ، ويكون حجّة.

وتوضيح ذلك: أنّ الكلام الدالّ على مفهوم مشتمل على مصاديق لو استعمل وكان ذلك المفهوم قد اُخذ بما هو مرآة إلى المصاديق تكون له دلالتان:

الاُولى: دلالة اللفظ على المفهوم، وإحضار المفهوم في الذهن باللفظ. وهذه ليست دلالة تكوينية عقلية وإنّما هي دلالة عرفية بلحاظ الربط الخاصّ الذي جعل بين اللفظ والمعنى، فأصبح اللفظ آلة لإحضار المعنى.

والثانية: دلالة اللفظ على المصاديق عن طريق المفهوم، أي: إحضار المصاديق في الذهن بالمفهوم. وهذا هو المقصود الأقصى للمتكلّم، وإحضار المفهوم لمصاديقه الحقيقية يكون دلالةً تكوينيّة عقلية، وإحضاره لمصاديقه العرفية المسامحية التي لا يعترف العرف بالمسامحة فيها يكون دلالة عرفية، ويكون هذا حجّة وداخلاً في باب المداليل اللفظية. وبهذا يثبت أنّ الوحدة في المقام إذا كانت عرفية لا عقلية فهي من المصاديق التي يدلّ المفهوم على إرادتها عرفاً، فيكون الاستصحاب حجّة فيها. وهذا هو الجانب الإثباتي من المدّعى ولكن لا يثبت بذلك الجانب السلبي وهو عدم حجّيّة الاستصحاب إذا كانت الوحدة عقلية فحسب.

ومنها: أنّنا لو سلّمنا خروج المصاديق العرفية للوحدة من باب المداليل اللفظية، قلنا: إنّه باعتبار أنّ مسامحة العرف هنا سنخ مسامحة لا يلتفت هو إليها، ولا يعتبرها مسامحة ينعقد في المقام إطلاق مقامي، فإنّ الشارع لو لم يكن يرضى بإجراء الاستصحاب في موارد الوحدة العرفية لكان عليه أن ينبّه على ذلك ؛ لأنّ العرف بصرف طبعه سوف يعمل بدليل الاستصحاب في تلك الموارد، وكذلك ينعقد الإطلاق المقامي لإخراج الموارد التي تكون الوحدة فيها عقلية فحسب، من باب أنّ العرف لو خلّي وطبعه لما أجرى الاستصحاب في تلك الموارد، فلو لم يكن الشارع راضياً بذلك لكان عليه التنبيه، فهذا الوجه يثبت المدّعى بكلا جانبيه.

إلاّ أنّ الإطلاق المقامي في موارد غفلة العرف إنّما ينعقد إذا لم تكن موارد الغفلة نادرة، ولم يكن التفاوت بين ما يفهمه العرف بغفلته وبين الواقع قليلاً بحيث يكون من الطبيعي أن لا يهتمّ المتكلّم بالتنبيه عليه، وإلاّ لما انعقد الإطلاق المقامي.