المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

533

أساس المعاني اللغوية الموجودة في كتاب القاموس فحسب، وإنّما هو على ضوء مجموعة القرآئن الحالية والمقالية اللفظية واللبيّة والملاحضات العرفية والعقلية، وطبعاً مع فرض التعارض بين فهم عرفي وفهم عقلي قطعي يقدّم الثاني.

إلاّ أنّه يمكن أن يبيّن التقابل بين الاُمور الثلاثة ببيان آخر، وهو: أنْ ينظر إلى النظر الإنشائي للعرف والعقل، لا النظر الإخباري. وتوضيحه: أنْ يقال: إنّ العرف قد يكون له نظر إنشائي في حيثية، أي: إنّه لو اُعطي بيده التشريع لشرّع بنحو تصبح تلك الحيثية حيثية تعليلية مثلاً، وإن كان يعترف بالفعل أنّ شريعة الإسلام جعلت الحيثية تقييدية، أو بالعكس، وكذلك العقل قد يكون له نظر إنشائي بمعنى أنّ العقل في مستقلاّته العقلية دائماً يأخذ الحيثيات تقييدية، وإن كان يعترف أنّ شريعة الإسلام في أحكامها قد أخذت بعض الحيثيات تعليلية، ولذا ذكر الشيخ الأعظم (رحمه الله) الإشكال في جريان الاستصحاب في أحكام العقل من باب أنّ الحيثيات فيها دائماً تقييدية، فدائماً يتعدّد الموضوع بزوال أيّ قيد من القيود، وعندئذ فيقصد بالنظر الدليلي ما يفهم من شريعة الإسلام بمقتضى أدلّتها، ويقصد بالنظر العقلي والعرفي النظر الإنشائي لهما، لكن بناءً على هذا الاُسلوب من بيان الفرق بين الأنظار الثلاثة تكون مرجعية النظر الدليلي في غاية الوضوح، فإنّ المفروض أنّنا نتكلّم في موضوع حكم شرعي، والعقل والعرف معترفان بأنّ الحيثية الفلانية المأخوذة في موضوعه تقييدي أو تعليلي، فلا محالة قد تعيّن موضوع الحكم، ولا معنى لفرض الحيثية تعليلية (حتّى مع اعتراف العرف بأنّها اُخذت في الشريعة تقييدية) لمجرّد أنّ العرف لو كان هو المشرّع لجعلت الحيثية تعليلية مثلاً، كما لا معنى لفرض الحيثية تقييدية (حتى مع اعتراف العقل بأنّها اُخذت في الشريعة تعليلية) لمجرّد أنّ العقل في مستقلاّته العقلية يأخذ كلّ الحيثيات تقييدية لبرهان مفروض هناك، وقد تحصّل: أنّ العبرة على ـ أيّ حال ـ بالنظر الدليلي.

وإن قصدوا إيقاع المقابلة بين الأنظار الثلاثة في البحث الثاني، وهو الاتّحاد بين الباقي والحادث، فهنا يكون الميزان في الاتّحاد: إمّا هو العقل، وهو يحكم بزوال الاتّحاد بسبب زوال أيّ قيد من القيود ولو كان حيثية تعليلية. وإمّا هو العرف، وهو يحكم بأنّ الاتّحاد لا يزول إلاّ بزوال الحيثية التقييدية دون التعليلية، ولا معنى هنا لفرض النظر الدليلي في مقابل النظر العقلي والعرفي، فإنّ الدليل لا يتكلّم عن مسئلة الاتّحاد بين الحادث والباقي.

وطبعاً الصحيح من هذين الوجهين هو كون العبرة بالنظر العرفي لا النظر العقلي ؛ لما عرفت من الوجوه. إذن فمهما أردنا إجراء الاستصحاب نأخذ كبرى المطلب من البحث