المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

535

هذا. ومّما ذكرنا تبيّن الحال في الاستصحاب في الشبهات الحكمية الجزءية، أعني استصحاب الحكم في الشبهة الموضوعية، فإنّ الحال في ذلك عين الحال في الشبهات الحكمية الكلّية.

توضيح ذلك: أنّنا لو كنّا نعرف أنّ زوال التغيّر يوجب زوال النجاسة لكنّنا شككنا في زوال التغيّر، فعندئذ إن كان زوال التغيّر ممّا يضرّ بالوحدة (فلا يجري استصحاب الحكم الكلّي لو شكّ في زوال التغيّر) فهنا ـ أيضاً ـ لا يجري استصحاب الحكم ؛ لأنّنا نحتمل زوال التغيّر الذي هو مضرّ بالوحدة، أي: نحتمل زوال الوحدة، فالتمسّك بالاستصحاب تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، وإن كان زوال التغيّر ممّا لا يضرّ بالوحدة (فيجري استصحاب الحكم الكلّي لو شكّ في زواله بزوال التغيّر) إذن فلا معنى لكون احتمال زوال التغيّر مانعاً عن الاستصحاب في المقام.

هذا تمام الكلام في الاستصحاب الحكمي.

وأمّا الكلام في الشبهات الموضوعية، أعني الاستصحاب الموضوعي، فقد قسّموا المستصحب هنا إلى قسمين:

الأوّل: ما يعبّر عنه بالمحمولات الأوّلية، ويقصد به الوجود والعدم.

والثاني: ما يعبّر عنه بالمحمولات الثانوية، وهي العوارض المتأخّرة عن ذلك، كالعدالة والفسق.

ومنشأ الإشكال في الاستصحاب فيهما هو تعبير الشيخ الأعظم (قدس سره) حيث عبّر باشتراط بقاء الموضوع، فيقال في المحمولات الأوّلية: إنّ الموضوع في استصحاب وجود زيد مثلاً هو ذات الماهية، ولا معنى لبقائها إلاّ وجود زيد في الزمن المتأخّر، ومع فرض إحراز وجوده لا حاجة إلى الاستصحاب، ومع الشكّ لم يحرز بقاء الموضوع.

إلاّ أنّ التعبير الأحسن هو تعبير صاحب الكفاية (رحمه الله) وهو التعبير باشتراط وحدة القضية المشكوكة مع القضية المتيقّنة(1)، وهذه الوحدة محفوظة في المقام، فإنّ القضية المتيّقنة هي (زيد موجود) والقضية المشكوكة ـ أيضاً ـ هي (زيد موجود)، فانحلّ الإشكال.

هذا في المحمولات الأوّلية.

ويقال في المحمولات الثانوية كما في استصحاب العدالة: إنّه لو علم ببقاء زيد فلا إشكال


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 346 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقات المشكيني.