المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

537

 

 

 

نسبة الاستصحاب إلى الأمارات وسائر الاُصول

ووجه تقديم بعضها على بعض

 

وأمّا الأمر الثاني، وهو نسبة الاستصحاب إلى الأمارات وسائر الاُصول، ووجه تقديم هذه الاُمور بعضها على بعض.

فبما أنّ هذا البحث يأتي فيه كثيراً ذكر الحكومة والورود ونحو ذلك، فلا بدّ لنا أن نشرح قبل الشروع في صلب البحث هذه المصطلحات بحدودها الواقعية المختارة، فنقول:

إنّ كلّ دليل حينما يقاس إلى دليل آخر يخالفه في الحكم: فإمّا أن يفرض التعارض بينهما، وهذا لا كلام فيه هنا، أو يفرض تقدّم أحدهما على الآخر، وفرض التقدّم له أحد ملاكين:

الملاك الأوّل، هو ملاك إفناء الموضوع حقيقة، فإذا كان أحد الدليلين مُفنياً لموضوع الدليل الآخر، فمحموله لا يبقى له موضوع حتّى يعارض محمول ذلك الدليل، وهذا الإفناء تارةً يكون بلسان الإخبار كما لو قال: (اكرم العلماء) ثم أخبر بعدم كون زيد عالماً، وهذا ما يسمّى بالتخصّص. واُخرى يكون بلسان الإنشاء والتعبّد، كما لو قال: (متى ما لم تقم الحجّة على الإلزام جرت البراءة) ثم حكم بوجوب شيء او حرمته وأقام الحجّة على ذلك. وهذا ما يسمّى بالورود، وهذا على قسمين:

الأول: أن يكون الدليل المورود بطبعه اللغوي العامّ بنحو تتضيّق دائرته بالدليل الوارد، كما في المثال الذي ذكرناه.

والثاني: أنّ لا يكون الدليل المورود بطبعه اللغوي العامّ كذلك، ولكن المتكلّم يجري في كلامه على ادّعاءآت سكّاكية مختصّة به، فوفقاً لتلك الادّعاءآت يحصل الإفناء، مثاله ما إذا قال: (أكرم العالم) ونحن نعرف أنّ هذا المتكلّم يرى بعض العلماء بنظره الاعتباري والانشائي غير عالم، وبعض الجهلاء بهذا النظر عالماً فعرفنا أنّ مقصوده من قوله: (أكرم العالم) (أكرم من هو عالم بنظري السكّاكي والاعتباري) فحينما يُنشئ عدم عالمية زيد ويجعله تعبّداً وبنحو المجاز السكّاكي غير عالم يُفني بذلك ـ لا محالة ـ موضوع (أكرم العالم).

ويظهر من بعض كلمات المحقّق النائيني (رحمه الله) أنّ هذا داخل في الحكومة، لا في الورود.