المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

539

الثاني: أن لا يكون المولى متصدّياً بالخصوص لبيان ناظرية هذا الدليل إلى ذاك الدليل وتحكيمه عليه، لكن بناء العرف العامّ يكون على ذلك، مثاله هو بناء العرف العامّ على تحكيم الخاصّ على العامّ ـ على الأقلّ في خصوص المخصّصات المتّصلة، كما إذا قال: (أكرم كلّ عالم ولا تكرم فسّاق العلماء) ـ وهذا ما يسمّى بالتخصيص وشبهه.

وبهذا اتّضحت نكتة أقوائية الحكومة من التخصيص، وهو أنّ المتكلّم في الحكومة بنفسه تصّدى لبيان الناظرية، وفي التخصيص ليس الأمر هكذا، وإنّما بناء العرف العامّ على ذلك، فنحتاج إلى إجراء أصالة عرفيّة المولى.

إذا عرفت هذا قلنا: إنّ الكلام يقع في مقامين:

الأوّل: في تقدّم الأمارات على الاُصول.

والثاني: في نسبة الاُصول بعضها مع بعض.

 

المقام الأوّل: في تقدّم الأمارات على الاُصول

ويقع الكلام فيه في جهتين:

الاُولى: في تقدّمها على الاُصول بملاك إفناء الموضوع.

والثانية: في تقدّمها عليها بملاك القرينيّة.

أمّا الجهة الاُولى، وهي تقدّم الأمارات على الاُصول بملاك الإفناء، فطبعاً لا يترقّب دعوى تقدّمها عليها بالتخصّص ؛ إذ لا تُفني بلسان الإخبار، وإنّما الذي يمكن أن يدّعى هو التقدّم بالورود، وقد عرفت أنّ الورود على قسمين، وهنا يمكن دعوى كلّ واحد من قسمي الورود:

أمّا القسم الأوّل، وهو الورود بلحاظ المدلول اللغوي العامّ، فيمكن دعواه في المقام بأحد وجهين:

الوجه الأوّل: أن يقال: إنّ المتفاهم عرفاً ـ ولو بواسطة بعض القرائن ـ من العلم الذي هو غاية للاُصول هو مطلق الحجّة مثلاً، لا خصوص العلم بمعنى القطع، فالأمارة تُفني موضوع الأصل بالتعبّد وإقامة الحجّة.

الوجه الثاني: أن يقال: إنّ المتفاهم من العلم المأخوذ غاية للاُصول وإن كان هو القطع، لكنّ المتفاهم عرفاً من أدلّة الاُصول ـ ولو بواسطة بعض القرائن ـ أنّ متعلّق العلم ليس هو الحرام الواقعي مثلاً في قوله: (حتّى تعلم أنّه حرام) أو النقيض الواقعي للمتيّقن السابق في