المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

540

الاستصحاب، بل مطلق ما ثبت بالحجّة مثلاً حرمته، أو كونه نقيض المستصحب، والمفروض أنّ الأمارة تثبت ذلك.

وهذان الوجهان غير صحيحين ؛ إذ حمل العلم على معنىً أعمّ من القطع، وهو مطلق قيام الحجّة مثلاً، أو حمل المتيقّن أو الحرام على معنى أعمّ من نقيض المتيّقن السابق، أو الحرمة الواقعية وهو مطلق ما ثبت بالحجّة كونه كذلك، خلاف الظاهر ومؤونة زائدة تحتاج إلى قرينة، والقرائن التي يمكن ذكرها في المقام كلّها غير صحيحة، كما سوف يتّضح ـ ان شاء الله ـ حينما نتكلّم عن حكومة الأمارات على الاُصول.

وأمّا القسم الثاني، وهو الورود بلحاظ اعتبارات خاصّة للمتكلّم، فيمكن دعواه في المقام ـ أيضاً ـ بأحد وجهين:

الوجه الأوّل، أن يقال: إنّ الشارع له اعتبارات خاصّة في العلم، ومقصوده من العلم في دليل جعله غايةً للاُصول ما يراه هو علماً، ودليل حجية الأمارة دلّ على أنّه يرى الأمارة علماً.

ويستفاد من بعض كلمات مدرسة المحقّق النائيني (رحمه الله) أنّ هذا الوجه داخل في الحكومة.

لكنّ التحقيق أنّه إن فرض أنّ مقصود الشارع من العلم في دليل جعله غاية للاُصول ما هو يراه علماً، إذن فدليل جعل الأمارة علماً يُفني موضوع الأصل حقيقةً، وهو الورود. وإن فرض أنّ المقصود هو العلم الحقيقي إذن فدليل اعتبار الأمارة علماً لا يحقّق الورودَ ولا الحكومة إلاّ إذا ضمّت إلى ذلك مسألة النظر، فأصبح حكومة بملاك النظر، وإلاّ فمجرّد اعتباره غير العلم علماً لا قيمة له.

الوجه الثاني، أن يقال: إنّ الشارع له اعتبارات خاصّة في المتيّقن، ومتعلّق العلم، فيقصد مثلاً بالحرام في قوله: (حتّى تعلم أنّه حرام) وبنقيض المتيّقن السابق في الاستصحاب ما هو يراه حراماً أو نقيضاً للمتيّقن السابق، وعندئذ يدّعى أنّ دليل حجّيّة الأمارة مفاده هو جعل الحكم المماثل، فبذلك يعلم بما يراه الشارع حراماً، أو نقيضاً للمتيقن، فتحصل الغاية.

ولا يرد على ذلك كلام المحقّق الخراساني (رحمه الله) في مسألة قيام الأمارة مقام العلم الموضوعي، حيث إنّ أحد تقريبات قيامها مقامه هو دعوى أنّ تنزيل المؤدّى منزلة الواقع يجعل العلم بالمؤدّى منزلة العلم بالواقع، فاعترض عليه المحقّق الخراساني (رحمه الله) بأنّه لا ملازمة بين كون المؤدّى بمنزلة الواقع وكون العلم به بمنزلة العلم بالواقع، فهذا الكلام وإن كان فنّيّاً