المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

541

هناك إلى حدٍّ، لكنّه لا يأتي على التقريب الذي نحن فرضناه ؛ إذ نحن فرضنا التوسعة في مفهوم الحرام أو متعلّق اليقين الذي جعل غاية للأصل بحيث توجب الأمارة العلم بفرد من أفراد ذلك المفهوم حقيقةً، وبكلمة اُخرى: أنّ هذا الإشكال إنّما يرد على تقريب الحكومة، لا تقريب الورود.

هذا. ولو تمّت المدّعيات في هذين الوجهين ثبت ورود الأمارة على الاُصول، إلاّ أنّه يبقى سؤال في المقام وهو: أنّه لماذا لا نعكس المطلب وندّعي في الاُصول التي يمكن فيها دعوى جعل اليقين أو المتيّقن أنّها واردة على الأمارة، فمثلاً يقال في الاستصحاب: إنّ مفاده جعل اليقين، فيكون وارداً على حجّيّة الأمارة المغيّاة باليقين بالخلاف، وفي أصالة الحلّ التي يسمّونها بالأصل التنزيلي بدعوى أنّها تجعل الحلّ بلسان أنّه هو الحلّ الواقعي يمكن أن يقال: إنّها واردة على الأمارة حينما ينافيها؛ لأنّها تفيد اليقين الواقعي بمتيّقن اعتباري يخالف مفاد الأمارة، فالتوارد يكون من الطرفين.

ويمكن الجواب على ذلك بأحد وجهين:

الأوّل: أن يقال: إنّ دليل حجّية الأمارة نصّ في موارد الاُصول ؛ لأنّ دليل حجّيّة خبر الثقة والظهور هو السيرة العقلائية أو المتشرعية، وهي ثابتة في موارد الاُصول، فحتماً يجب أن يكون موضوعها بنحو لا ينتفي بالاُصول.

ويرد عليه: أنّ هذا معناه تقدّم الأمارة على الاُصول بملاك آخر غير ملاك الورود وإفناء الموضوع، وهو ملاك النصوصية. نعم، في طول النصوصية يقع بحث علمّي صِرف في أنّه هل تكون الأمارة مقدّمة على الأصل واردة عليه أو مخصصة له مثلاً، وهذا خُلف ما كان المفروض، وهو إثبات تقدّم الأمارة بملاك الإفناء.

الثاني: أن يقال: إنّ الأصل اُخذ في موضوعه عدم العلم، لكن الأمارة لم يؤخذ في موضوعها عدم العلم.

وهذا الوجه فيه اتّجاهان:

الاتّجاه الأوّل، هو اتّجاه كان يوجد قبل الميرزا، ويستفاد ـ أيضاً ـ من بعض عبائر الميرزا(رحمه الله)، وهو دعوى الفرق الثبوتي وبحسب مرحلة الجعل بين الاُصول والأمارات، فالمولى جعل الاُصول على موضوع الشكّ وعدم العلم، ولكنّه حينما جعل الأمارات لم يقيّد موضوعها بعدم العلم، فالشك وعدم العلم ليس موضوعاً للأمارات، وإنّما هو مورد لها، إذن فمن الطبيعي ـ بناءً على هذا الاتّجاه ـ أن تفني الأمارة موضوع الأصل، وهو عدم العلم، ولا