المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

549

جعل الحجّيّة، أي عدم جعل العلم والطريقية، إذن فمقصوده من كلمة (لا يعلمون) هو عدم العلم الحقيقي، لا عدم ما يراه هو علماً، وإلاّ لأصبح معنى الكلام: أنّ ما لا أراه علماً لا أراه علماً، وهذا كما ترى فضول من الكلام، إذن فالمقصود هو أنّ ما لا يكون علماً حقيقة وتكويناً لا أراه علماً، فأصبح ذلك معارضاً لدليل حجّية الأمارة.

فقد تحصّل حتّى الآن عدم تماميّة الورود والحكومة التنزيلية.

وأمّا القسم الآخر، من الحكومة، وهو الحكومة بالنظر المضموني فنؤجّل الكلام عنه إلى ما بعد الكلام عن فرض التخصيص ؛ لأنّه يتوقّف على بعض ما يأتي، فلنفترض الآن موقّتاً عدم تمامية الحكومة بالنظر المضموني أيضاً، وهذا معناه أنّه لم يسلم لنا الورود ولا الحكومة إطلاقاً، فلننتقل إلى تقديم الأمارة بملاك القرينية العامة فنقول:

المقام الثاني: في دعوى تقديم الأمارة على الاُصول بملاك القرينية حسب البناء العرفي العامّ، وهو التخصيص وما يشبهه، فيجب أن نتكلّم في قرينية وأخصّية الأمارة بالنسبة إلى كلّ فرد فرد من الاُصول، ولو لم تتمّ الأخصّيّة والقرينيّة تصل النوبة إلى البحث عن تقديمها على الأصل من باب تقديم أحد المتعارضين على المعارض الآخر، والكلام في ذلك يقع في جهات:

الجهة الاُولى: في تقدم الأمارة على أصالة البراءة.

والحق: أنّ الأمارة تتقدّم على أصالة البراءة بالأخصّيّة، ولا يقال: إنّ النسبة عموم من وجه؛ إذ قد تجري البراءة من دون أمارة، وقد توجد أمارة من دون أن تعارضها البراءة، كما إذا كانت الأمارة ترخيصيّة ؛ فإنّه يقال: إن قدّمت البراءة على الأمارة في مورد التعارض كان هذا معناه عدم حجّية الأمارة في مورد التوافق أيضاً ؛ وذلك لأنّ معنى حجّيّة البراءة هو أنّ الشكّ بنفسه تمام الموضوع للتأمين، والمفروض أنّ الشكّ يؤمّن حتّى إذا كانت الأماره تفيد الإلزام، وعندئذ نقول: لا معنى لفرض أنّ الأمارة مؤمّنة عند مطابقتها للبراءة، فإنّ المفروض أنّ الأمارة أيضاً اُخذ في موضوعها الشكّ، والمفروض أنّ هذا الشكّ تمام الملاك للتأمين، سواء كانت هناك أماريّة أو لا، وجعل الأماريّة جزءً لموضوع التأمين في طول وجود جزء آخر هو بنفسه تمام الموضوع للتأمين لغوٌ من الكلام، وبقاء موارد الاستحباب والكراهة للأمارة لا تحلّ المشكلة بالرغم من أنّها موارد كثيرة؛ وذلك لأنّها بالنسبة لغرض جعل الحجّية للأمارة، أي التنجيز والتعذير تكون كالعدم، فلزمت لغويّة الأمارة تقريباً، فهي بحكم الأخصّ من البراءة.