المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

551

الاستصحابين بالعلم الإجمالي.

ولا يقال: إنّ العلم الإجمالي الكبير يُسقط الاستصحاب في كلّ الشبهات الحكمية.

فإنّه يقال: إنّه في زمن المعصومين ـ عليهم السلام ـ كان هذا العلم الإجمالي الكبير في الغالب محلولاً.

على أنّ دليل الأمارة ـ أيضاً ـ نصٌّ في مورد الاستصحاب ؛ لأنّك عرفت أنّ المتيّقن من أكثر أدّلة الأمارة هو الالزاميات، وهي عادةً تكون مورداً لاستصحاب العدم.

الجهة الثالثة: في تقديم الأمارة على أصالة الطهارة.

وهنا لا يأتي بحسب الطبع الأوّلي ما ذكرناه من الأخصّية، فإنّ أكثر موارد الأمارة خال عن أصالة الطهارة، كما هو واضح، إلاّ أنّ هناك عدّة نكات لتقديم الأمارة على أصالة الطهارة، وهي تفيدنا في سائر الاُصول أيضاً، كقاعدة الفراغ، أو التجاوز، أو أيّ أصل آخر، فإنّ بعض تلك النكات على سبيل منع الخلوّ تتمّ في كلّ واحد من تلك الاُصول، كما تفيدنا ـ أيضاً ـ في ما مضى من البراءة والاستصحاب، فيثبت تقديم الأمارة عليهما، ولو فرض إنكار الأخصّيّة، وتلك النكات ما يلي:

1 ـ بالإمكان إثبات أخصّيّة دليل الأمارة من دليل أصالة الطهارة بعد الالتفات إلى مقدّمة، وهي: انّه يوجد عند العرف والمتشرعة ارتكاز عدم الفرق بين باب النجاسة وسائر الأبواب في حجّيّة خبر الثقة وعدمها، ولذا لو دلّ دليل على حجّيّة خبر الثقة وكان مورده في كتاب الصلاة مثلاً، ولم يكن له إطلاق بحسب حاقّ مدلوله اللفظي، لا إشكال في أنّه تفهم منه حجّيّة خبر الثقة في سائر الأبواب، ولو دلّ دليل على عدم حجّية خبر الثقة، وكان مورده في باب النجاسات، ولم يكن له إطلاق بحسب حاقّ مدلوله، يفهم منه عدم الحجّية مطلقاً. وعليه فدليل أصالة الطهارة الدال على عدم حجّيّة خبر الثقة في باب النجاسات يدلّ


هو تمام الموضوع، وهو الشكّ يكون لغواً من الكلام.

وهذا البيان ـ كما ترى ـ لا يأتي في المقام ؛ لأنّ الشكّ في الاستصحاب ليس تمام الموضوع للتأمين، بل هو جزء الموضوع لا بدّ له من متممّ، فليكن له متمّمان عرضيان: أحدهما: الحالة السابقة، والثاني: الأمارة التي لو فرض تقديم الاستصحاب المعارض لها اختصّت حجّيتها بخصوص عدم وجود الاستصحاب المعارض، وهذا لا يعني أخذ الحالة السابقة الموافقة في موضوع حجّيّة الأمارة حتّى يقال مرّة اُخرى: إنّ ضمّ الأمارة إلى الشكّ مع الحالة السابقة الموافقة الكافي في التأمين، يكون كضمّ الحجر إلى جنب الإنسان.