المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

552

بالملازمة على عدم حجّيّة خبر الثقة مطلقاً فيصبح دليل حجّيّة خبر الثقة أخصّ منه، فيقدّم عليه.

2 ـ إنّ العامّين من وجه إنّما يتعارضان ويتساقطان لو لم نكن قاطعين بمطابقة أحدهما المعيّن للواقع في مورد الاجتماع، ونحن هنا نقطع بمطابقة احدهما وهو حجيّة خبر الثقة في مورد الاجتماع للواقع، وذلك لأنّ أحد أدلّة حجّيّة خبر الثقة هو سيرة المتشرعة التي لا تحتاج إلى إثبات عدم الردع ؛ لأنّها هي بنفسها في طول الأخذ من الشارع، ومن الواضح أنّ بناء المتشرّعة على الأخذ بخبر الثقة لم يكن مختصّاً بما عدا باب النجاسات، ولم يكونوا يفرّقون بين هذا الباب وسائر الأبواب. إذن فنقطع بحجّيّة خبر الثقة المعارض لأصالة الطهارة، ونقدمه عليها.

3 ـ لا إشكال في أنّ السيرة العقلائية لا تفرّق بين باب النجاسات وسائر الأبواب، إذن لا يبقى وجه لرفع اليد عن السيرة العقلائية في باب النجاسات إلاّ دعوى رادعية إطلاق دليل أصالة الطهارة، وعندئذ نقول بما قلناه في رادعية الآيات من أنّ سيرة عميقة الجذور من هذا القبيل لا يكفي في ردعها مجرّد إطلاق دليل من الأدلّة من آية أو رواية، بل تحتاج في الردع إلى ردع من قبيل الردع عن القياس.

4 ـ نفترض تعارض دليل حجّيّة خبر الثقة ودليل أصالة الطهارة، لكنّنا نقول في المتعارضين بالعموم من وجه بتقدّم أحدهما على الآخر إذا كان قطعيّ السند دون الآخر، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ دليل حجّيّة خبر الثقة قطعي السند. أمّا لكونه من القرآن، أو لكونه سنّة قطعية. وهذا بخلاف دليل أصالة الطهارة.

وهذا الوجه يتمّ في الشبهة الحكمية والموضوعية معاً لو كان دليل حجّية خبر الثقة هو آية النبأ. وأمّا لو كان الدليل هو آية النفر فهي إنّما وردت في الأحكام، ولا ربط لها بالموضوعات، كما أنّه لو كان الدليل هو السنّة القطعيّة فالمتيّقن من مجموعها هو حجّيّة خبر الثقة في الشبهة الحكمية ؛ لأنّ بعضها لا يدلّ على أكثر من ذلك. نعم، نقول بحجّيّة خبر الثقة في الموضوعات ؛ لدلالة بعض الروايات على ذلك، وهي داخلة في القدر المتيّقن ؛ لأنّها وردت في بيان حكم من الأحكام، وهو الحجّيّة، إلاّ أنّه لم يصبح دليل حجّيّة الخبر في الموضوعات قطعياً لكي يتقدّم بذلك على أصالة الطهارة.

5 ـ نفترض أنّ دليل حجّيّة خبر الثقة مع دليل أصالة الطهارة تعارضا وتساقطا، لكنّنا نرجع عندئذ إلى استصحاب حجّيّة خبر الثقة ؛ لأنّه في أوّل الشريعة اُمضيت السيرة