المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

554

والأمارة معاً بصورة الشكّ، ويجعل العلم غاية لهما معاً، إلاّ أنّ العلم اُخذ غاية في لسان دليل الأصل ولم يؤخذ غاية في لسان دليل الأمارة، وهذا يوجب عدم حكومة الأصل على الأمارة، وكون الحكومة من طرف واحد، وهذه النكتة بنفسها موجودة في المقام ؛ وذلك لأنّ كون العلم الموافق غاية للأصل إنّما ثبت بالمخصّص اللبّي، ولم يؤخذ في لسان الدليل، والمخصّص اللبّي ـ في الحقيقية ـ لا يجعل القيد للأصل هو عدم العلم حتّى يفرض أنّ الأمارة تحكم على الأصل بهذه النكتة لافادتها العلم تعبداً (ولو تمّ ذلك لكانت الحكومة من الطرفين)، وإنّما المخصّص اللبّي يجعل الأصل مقيّداً بصورة التمكّن من جعل الحكم الظاهري، ومختصّاً بذاك الشخص الذي لا يستحيل تعبّده بالحكم الظاهري، وإنّما نعبّر بعنوان عدم العلم أو الشكّ كمعرّف لواقع فرض التمكّن من جعل الحكم الظاهري ومشير إليه، لا أنّ القيد حقيقةً هو عدم العلم.

هذا. وبما نقّحناه هنا يبطل تقدّم الاُصول ـ أيضاً ـ بعضها على بعض عند عدم المعارضة، وبذلك تبطل الآثار التي يُرتّبها الأصحاب في باب الاشتغال على طولية الأمارات والاُصول، وطولية الاُصول بعضها مع بعض، من قبيل ما يذكر في باب ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة من أنّ الأصل في الملاقى سقط بالتعارض مع الأصل في الطرف الآخر، ووصلت النوبة إلى الأصل في الملاقي، ونحو ذلك من الكلام، فكلّ هذا لا أساس له.

التنبيه الثاني: أنّ حكومة الأمارة على الأصل بالنظر المضموني قد تُتمّم في طول ما مضى من نكتة تقدّم الأمارة على الأصل بالتخصيص، أعني كون الأمارة نصّاً في الإلزاميات، وذلك بأن يقال: إنّ التنصيص على جعل الحجّيّة في الإلزاميات وتنجيز الحكم على عهدة المكلّف معناه أنّ المولى يفترض تأميناً، وعَدَمَ إلزام في المرتبة السابقة، فيتصدّى إلى إثبات الإلزام والتنجيز، وإلاّ فلا حاجة إلى هذا التنجيز وجعل الشيء على العهدة ؛ إذ إنّ ذاك الشيء هو ثابت مسبقاً على العهدة ومنجّز على المكلّف.

ويرد عليه: أنّه يكفي لقضاء حقّ هذا النظر المفروض استفادته من نصوصية دليل الأمارة في الإلزام كما في قوله: (فاسمع لهما وأطع) مثلاً أن يفترض أنّه ينظر إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان عند الأصحاب، أو إلى البراءة الشرعية التي هي في رتبة قاعدة قبح العقاب بلا بيان عندنا، فلا تثبت حكومة الأمارة على الاُصول الشرعية المتعارفة.

التنبيه الثالث: أنّ كلّما ذكرناه حتّى الآن إنّما هو في الاُصول الشرعية. وأمّا الأصل العقلي سواء فرض تعذيراً أو تنجيزاً فلا إشكال في ورود الأمارة عليه، فإنّ العقل إنّما يحكم