المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

555

بالتعذير ما لم يعلم المكلّف بالواقع، أو باهتمام المولى بالواقع المشكوك على تقدير وجوده، فإذا عرف اهتمام المولى بذلك بدليل الحجّيّة ـ بأيّ لسان فرض من ألسنة جعل الحجّيّة ولو فرض ذاك الحجّة أصلاً شرعياً كأصالة الاحتياط ـ فلا محالة يرتفع موضوع التعذير، كما أنّ العقل إنما يحكم بالتنجيز ما لم يعلم المكلّف بالواقع أو بعدم اهتمام المولى بالواقع المشكوك على تقدير وجوده، فإذا عرف عدم الاهتمام بذلك بدليل الحجّيّة ـ بأيّ لسان فرض من السنة جعل الحجّيّة ولو فرض ذلك الحجّة أصلاً شرعياً كأصالة البراءة ـ فلا محالة يرتفع موضوع التنجيز.

ويلحق بالاُصول العقلية الأصل الشرعي الذي فرض أخذ عدم الأمارة في موضوع دليله صدفة، كما قد يقال بالنسبة لرواية مسعدة بن صدقة: «كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام... إلى أن قال بعد ذكر أمثلة من قبيل الثوب المشترى من السوق والزوجة التي يحتمل كونها اُختك أو رضيعتك ونحو ذلك: والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير هذا، أو تقوم به البينة» بناءً على أنّ المقصود بالبيّنة شهادة شخصين تكون شهادتهما حجّة شرعاً.

هذا تمام الكلام في المقام الأوّل، أعني تقدم الأمارات على الاُصول.

 

المقام الثاني: في نسبة الاُصول بعضها إلى بعض

إنّ الأصلين اللذين يتكلّم في تقدّم أحدهما على الآخر وعدمه تارةً يفترض موافقة أحدهما للآخر، واُخرى يفترض تنافيهما.

فالمتوافقان من قبيل أصالة الطهارة واستصحابها، والمتنافيان تارةً يكون تنافيهما بلحاظ عالم الجعل تنافياً ذاتياً، من قبيل أصالة الطهارة مع استصحاب النجاسة، واُخرى يكون تنافيهما بلحاظ عالم الجعل تنافياً عرضياً، أي: بواسطة طروّ علم إجمالي من قبيل استصحابي الطهارة في طرفي العلم الإجمالي بالنجاسة، وثالثة يكون تنافيهما بلحاظ عالم الامتثال والتزاحم عند العمل، من قبيل استصحاب وجوب الصلاة مع استصحاب وجوب إزالة النجاسة عن المسجد مع عدم القدرة على امتثال كليهما في ظرف جريان الاستصحاب.

فهذه أقسام أربعة نتكلّم فيها في ثلاثة مقامات:

 

المقام الأوّل: في الأصلين المتوافقين أو المتنافيين بلحاظ عالم الجعل تنافياً ذاتياً

وقد ذهبت مدرسة المحقّق النائيني (رحمه الله) في ذلك إلى أنّه يتقدّم احد الأصلين على الآخر