المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

558

الكبريات، وإنّما تثبت بإطلاق أدلّة الاُصول لتلك الآثار.

والسيد الاُستاذ بعد رفع يده عن هذا التكييف انتقل إلى تكييف ثالث، وهو: أنّ أصالة الطهارة في الماء مثلاً ـ بقرينة لغويّة جعل ذات الطهارة بغضّ النظر عن آثارها ـ تكون ناظرة إلى آثار طهارة الماء، ومنها طهارة الثوب، إذن فأصالة الطهارة في الماء ناظرة إلى استصحاب النجاسة في الثوب دون العكس، فمن هذه الناحية تتمّ الحكومة.

ويرد عليه: أنّ أصالة طهارة الماء ليست ناظرة إلى الأحكام الظاهرية التي تثبت للثوب عند الشكّ في طهارته كاستصحاب النجاسة، وإنّما هي ناظرة إلى نفس الآثار الواقعيّة، للطهارة والنجاسة، ولذا ترى أنّ أصالة الطهارة تلغو لو فرض عدم تلك الآثار الواقعية راساً، ولا تلغو لو فرض عدم تلك الأحكام الظاهرية، إذن فأصالة طهارة الماء تثبت طهارة الثوب، واستصحاب نجاسة الثوب يثبت في عرض ذلك نجاسته فيتعارضان.

والتحقيق في تكييف تقدّم الأصل السببي على المسبّبي عدة اُمور، بعضها يختصّ ببعض الموارد، وبعضها يعمّ كلّ الموارد.

منها: ما يختصّ بتقدّم الاستصحاب السبّبي على الاستصحاب المسبّبي، وهو: أنّ الاستصحاب ـ كما مضى ـ أمر ارتكازي عند العقلاء بدرجة من درجات الارتكاز، كما يشير إلى ذلك تعبير الإمام (عليه السلام) بقول: «لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً» سواء فرض ذلك لأجل كاشفية احتمال البقاء أكثر من احتمال الانتقاض، أو لأجل الوهم الموجود في الإنسان الدّاعي إلى الميل إلى فرض بقاء الحالة السابقة. وهذه الارتكازية تتحكّم في فهم لسان الدليل، وهذا الارتكاز بأيّ درجة كان، قويّاً كان أو ضعيفاً من الواضح جدّاً أنّه في مورد الاستصحاب السببي والمسبّبي المتعارضين إنّما يوجد في جانب الاستصحاب السببي، ولا يحسّ بأيّ مقتض في ذلك للاستصحاب المسبّبي يزاحم المقتضي الأوّل، فمثلاً لو كانت حياة زيد سبباً لمجيئه إلى المكان الفلاني كان المرتكز عقلائياً عند الشكّ في حياته هو استصحاب حياته دون استصحاب عدم مجيئه إليه. وهذا يوجب انصراف دليل الاستصحاب عن الاستصحاب المسبّبي في مثل المقام.

ومنها: ما يختصّ بأصالة الطهارة بالنسبة إلى الاستصحاب الموجود في آثار الطهارة، كاستصحاب الحدث، أو الخبث عند الوضوء، أو الغسل بماء ثبتت طهارته بأصالة الطهارة،