المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

56

والمانع؛ فإنّه لا توجد هنا قاعدة اُخرى سببيّة تحكم على القاعدة المذكورة في الحديث، فهذا شاهد على إرادة قاعدة المقتضى والمانع.

وقد يجاب على ذلك: بأنّ مورد الرواية هي الشبهة المفهومية؛ لأنّ الراوي يسأل عن الحالة التي يحرّك في جنب النائم الشيء وهو لا يعلم هل هذه الحالة تعتبر نوماً فيبطل الوضوء أو لا؟ وعليه، فلا مجال للاستصحاب الموضوعي الحاكم في المقام بناءً على ما هو الصحيح من عدم جريان الاستصحاب الموضوعي في الشبهات المفهوميّة.

ويرد عليه: أنّه لا يمكن حمل الرواية على الشبهة المفهومية، بل الراوي سأل أوّلاً عن الشبهة المفهوميّة وعرف الضابط فيها بتفصيل الإمام(عليه السلام) بين نوم العين ونوم القلب والاُذن، ثمّ وصلت النوبة إلى الشبهة المصداقية، وعدم التفاته إلى ما حرّك في جنبه منشأ لشكّه في النوم، فسأل عن هذه الشبهة المصداقية، ولو كانت الشبهة مفهومية لكان السؤال عن حدود النوم المبطل للوضوء، وعندئذ لا معنى لأن يجيبه الإمام(عليه السلام) بالاستصحاب، بل لا بدّ من بَيانه(عليه السلام) للحكم الواقعي، وإنّما الذي يجري الاستصحاب في الشبهات الحكمية هو الفقيه غير العارف بالحكم الواقعي، لا الإمام(عليه السلام) الذي شأنه بيان الأحكام الواقعية، إذن، فلا بدّ من استيناف الجواب عن هذه الشبهة.

ويمكن أن يجاب عنها بما يلي:

1 ـ ما سوف يظهر ـ إن شاء الله ـ من أنّ حكومة الأصل السببي على المسبّبي ممّا لا أساس له، وإنّما يقدّم بوجه عرفي الأصل السببي على المسبّبي إذا كانا متعارضين، وفيما نحن فيه لا تعارض بينهما، فلا بأس بالتمسّك باستصحاب الطهارة.

2 ـ لو سلّمنا صحّة مبنى الحكومة في نفسه قلنا: إنّ مقتضى هذا الحديث تقييد نكتة الحكومة وتخصيصها بخصوص الأصل السببي المعارض للمسبّبي دون الموافق له، فإنّه إذا دار الأمر بين رفع اليد عن إطلاق ذلك أو عن الظهور الذي بيّناه للحديث في الاستصحاب كان المتعيّن هو الأوّل حتماً.

3 ـ أن يفرض في المقام أنّ النوم حدّ للطهارة لا مانع عنها، بمعنى كون عدمه مأخوذاً في موضوع الحكم ببقاء الطهارة، وعندئذ لا يترتّب على استصحاب عدم النوم أثر شرعيّ إلاّ بالملازمة، حيث إنّ لازم عدم ثبوت الحدّ والغاية ثبوت المغيّى، وليس ثبوت المغيّى أثراً لعدم النوم مترتباً عليه على حدّ ترتب الحكم على موضوعه، فعندئذ لا يجري استصحاب عدم النوم.