المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

560

في العمل، أي: يقول: اعمل كما كنت تعمل لو كنت متيقّناً) وهذا مطلق يشمل الأثر العملي لليقين الطريقي وهو الجري نحو الواقع المنكشف به، والأثر العملي لليقين الموضوعي كترك العمل بالاُصول المغياة بالعلم، فإنّه أثر عملي لنفس اليقين بالخلاف، فدليل الاستصحاب ناظر إلى كلّ هذه الآثار، فيكون حاكماً على تلك الاُصول بملاك النظر.

ويرد عليه ما نقّحناه في بحث الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع من أنّه بناءً على كون مفاد الاستصحاب الأمر بالجري العملي وفق اليقين، لا ينظر ذلك إلاّ إلى الجري العملي وفق اليقين الطريقي، فراجع.

وقد تحصّل بطلان الحكومة في المقام بكلّ تقريباتها الثلاثة، أعني الورود والحكومة التنزيلية والحكومة المضمونية التي قرّ بها المحقق العراقي (رحمه الله).

والصحيح: أنّ الأصلين العرضيين المتنافيين إذا كانا بدليل واحد كما في استصحاب الطهارة واستصحاب النجاسة في موارد توارد الحالتين، حصل التساقط والإجمال، وإذا كانا بدليلين فعندئذ إن وجدت نكتة الأخصّيّة وما يشبهها في أحدهما، قدّم، وإلاّ استحكم التعارض، فنقول:

أمّا استصحاب النجاسة مع قاعدة الطهارة فقد نقّحنا في الفقه: أنّ قاعدة الطهارة لا تجري في نفسها عند اليقين بالنجاسة السابقة، إذ دليل قاعدة الطهارة: إمّا هي الروايات الواردة في الموارد الخاصّة وهي ليس لها إطلاق لفرض اليقين بالنجاسة السابقة، وإمّا هي رواية: (كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنّه قذر)، وهي مجملة؛ لاحتمال كون (قذر) بضمّ الذال وكونه فعلاً لا وصفاً، وإذا كان فعلاً دلّ على الحدوث، فإذا كان الشكّ في البقاء لا تجري القاعدة.

وأمّا الاستصحاب مع قاعدة اليد والفراغ والتجاوز، فهذه القواعد مقدّمة عليه بملاك الأخصّية لندرة موارد عدم الاستصحاب على الخلاف في موردها، مضافاً إلى ورود أدلّتها في موارد كان مقتضى الاستصحاب خلافها، فهي نصّ في مورد الاستصحاب المخالف فتقدم عليه.

وأمّا الاستصحاب مع البراءة فقد يوجد الاستصحاب ولا توجد البراءة المعارضة، وقد توجد البراءة ولا يوجد الاستصحاب المعارض، وقد يتعارضان، فالنسبة عموم من وجه، إذن فيبدو إشكال التعارض مستحكماً، إلاّ أنّ هذا لا يوجب الوقوع في مشكلة في الشبهات الموضوعية؛ إذ في الشبهات الموضوعية لا يجري استصحاب التكليف إلاّ ومعه استصحاب