المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

562

كونه كذلك، كما لو احتملنا حجّيّة الشهرة مثلاً يمنعنا ذلك عندئذ عن التمسّك راساً بحديث الرفع لنفي التكليف الذي دلّ عليه ذاك الدليل المشكوك، وهو الشهرة مثلاً، فالعلاج في مثل ذلك هو أحد أمرين:

الأوّل: إجراء استصحاب عدم جعل حجّيّة ذلك الدليل المشكوك حجّيّته.

والثاني: إجراء البراءة عن هذه الحجّيّة على ما تقدّم في محلّه من معقولية البراءة عن الأحكام الظاهرية، كالبراءة عن الأحكام الواقعية.

 

المقام الثاني: في التعارض العرضي بلحاظ مرحلة الجعل

إن الأصلين الجاريين في أطراف العلم الإجمالي لو لزمت من جريانهما مخالفة عمليّة قطعيّة فقد مضى في بحث العلم الإجمالي أنّهما يتساقطان بالتعارض، ولا يجريان، ولا يجري أحدهما على سبيل التخيير. ولو لم تلزم من جريانهما مخالفة عملية قطعية فمجرّد كونهما أصلين على خلاف العلم الإجمالي لا يوجب التساقط.

هذا كلّه مضى تحقيقه في بحث العلم الإجمالي، ولا نعيده هنا، وإنّما الذي نتكلّم عنه هنا هو: أنّه لو كان الأصلان تنزيليين من قبيل الاستصحابين مثلاً فهل كونهما تنزيليين يوجب سقوطهما في أطراف العلم الإجمالي ولو لم تلزم من مجموعهما مخالفة عملية قطعية، كما في مستصحبي النجاسة مع العلم بطهارة أحدهما، أو لا؟

قد ذكر الشيخ الأعظم(قدس سره)(1) في الاستصحاب: أنّ الاستصحابين يتساقطان لمحذور إثباتي، وهو: أنّ صدر الحديث يدلّ على السالبة الكلّيّة، حيث يقول: لا تنقض اليقين بالشكّ، ولكنّ ذيله يدلّ على موجبه جزئية، حيث يقول: أنقضه بيقين آخر، وهنا عندنا يقين آخر يوجب نقض أحد اليقينين السابقين بنحو الموجبة الجزئية، والموجبة الجزئية نقيض السالبة الكلية، إذن فلا يثبت جريان الاستصحاب لتعارض الصدر والذيل.

وقد أورد عليه المتأخّرون عنه تارةً بأنّنا لو سلّمنا تعارض الصدر والذيل، فلماذا لا نرجع إلى الروايات الاُخرى غير المذيّلة بهذا الذيل بعد إجمال هذا النصّ، فإنّ ما لا يكون مذيّلاً بهذا الذيل لا إجمال فيه فيؤخذ به، واُخرى بأنّنا لا نسلّم هنا التعارض والإجمال، فإن ظاهره كون اليقين الثاني متعلّقاً بنفس ما تعلّق به اليقين الأوّل لا بالجامع بينه وبين غيره.


(1) راجع الرسائل: ص 429 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات رحمة الله.