المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

563

والمحقّق النائيني(رحمه الله) عدل عمّا يقوله الشيخ الأعظم(قدس سره) من المحذور الإثباتي إلى دعوى محذور ثبوتي في الاُصول التنزيلية التي مفادها ـ حسب ما يراه ـ جعل العلم والطريقية، وهو استحالة اجتماع أصلين منها على خلاف العلم الإجمالي(1).

وفي مقام الاستدلال على هذا المدّعى لا يستفاد من كلام التقريرين لبحثه(قدس سره)شيء زائد على تكرار المدّعى بعبائر مختلفة، إلاّ أنّه يمكن تقريب هذا الكلام بأحد بيانين:

الأوّل: أن يقال بناءً على ما بنى عليه المحقّق النائيني (رحمه الله) في تصوير جعل الطريقية من أنّ ما ليس طريقاً وكاشفاً ظنّياً يستحيل جعله طريقاً، وإنّما يعقل جعل الطريقية بمعنى أنّ ما له كشف تكويني ناقص يتمّم كشفه تعبداً: إنّ جعل الطريقية لكلا الاستصحابين في المقام غير معقول ؛ إذ يستحيل ثبوت الكشف الذاتي لهما معاً بأن يفيد كلاهما الظنّ مع أنّا نعلم إجمالاً بخلاف أحدهما.

ويرد عليه (بغضّ النظر عن النقض عليه بما لو كانت الأطراف ثلاثة أو أكثر، فعندئذ يعقل حصول الظنّ في كلّ واحد منها بعدم الانتقاض بالرغم من العلم بالانتقاض في أحدها): أنّ العبرة لو كانت بالظنّ الفعلي إذن للزم عدم حجّيّة الاستصحاب، ولا خبر الثقة عند عدم الظنّ الفعلي. وهذا ما لا يلتزم به المحقّق النائيني(قدس سره)، وإن كانت العبرة بقابليّة ما جعل طريقاً لإفادة الظنّ لو خلّي ونفسه ولو منع مانع عن فعليّة ذلك، فالأمر في المقام كذلك؛ فإنّ كلاًّ من الاستصحابين لو خلي وحده كان بالإمكان حصول الظنّ فيه على طبق الحالة السابقة.

الثاني: أنّ يقال: إنّ ما كانت حجّيّته بلحاظ حكايته عن الواقع يشترط فيه احتمال المطابقة للواقع، بمعنى احتمال المطابقة لكلتا الحكايتين ـ اذا كانت الحكاية متعدّدة ـ في عرض واحد إذا كانت حجّيّتهما في عرض واحد، لا بنحو البدلية. وفي المقام المفروض حجّيّة كلا الاستصحابين في عرض واحد، لا بنحو البدليّة، مع أنّ احتمال المطابقة في كلتا الحكايتين عرضاً غير موجود.

ويرد عليه ـ بعد إنكار كون الاستصحاب حاكياً عن الواقع ـ: أنّنا لا نقبل شرطاً زائداً في ما تكون حجّيّته على أساس الحكاية إضافة إلى أصل الشرط الموجود في كلّ الأحكام


(1) راجع فوائد الاصول: ج 4، ص 14 و 693 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات: ج 2، ص 499.