المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

564

الظاهرية من الشكّ في الواقع، واحتمال انحفاظ الواقع به. وأمّا احتمال المطابقة لكلتا الحكايتين عرضياً، بمعنى مطابقة المجموع (لكون حجّيّتهما عرضية) فلا نقبل اشتراطه، واحتمال المطابقة في كلّ منهما في نفسه موجود.

نعم، بالإمكان أن يقال بتعارض الاستصحابين وتساقطهما بناءً على قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي من ناحية أنّ كلاًّ من الاستصحابين يثبت لنا جواز إسناد المستصحب إلى المولى، مع العلم بكون أحدهما كذباً وتشريعاً، فمن هذه الناحية نقع في المخالفة العملية القطعية.

إلاّ أنّ هذا ـ مضافاً إلى عدم تسليم مبناه من قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي ـ لو تمّ فإنّما يقتضي سقوط الاستصحابين بلحاظ هذا الأثر فحسب، لا بلحاظ آثار العلم الطريقي(1).

 


(1) قد تقول في ما إذا كان الأصل في أحد طرفي العلم الإجمالي بالخلاف إلزامياً والآخر ترخيصياً، كما لو كان أحد الإنائين مستصحب النجاسة، والآخر مستصحب الطهارة: إنّ جواز الحكاية أو الإسناد المترتّب على قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي في جانب الأصل الإلزامي مع الترخيص المترتّب على قيامه مقام العلم الطريقي في جانب الأصل الترخيصي يتعارضان ويتساقطان.

إلاّ أنّه لو فرض دليل قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي دليلاً منفصلاً عن دليل قيامه مقام القطع الطريقي، فدليل قيامه مقام القطع الموضوعي هو الذي يسقط بالتعارض الداخلي بلحاظ لزوم جواز الحكاية أو الإسناد في كلا الطرفين، ويبقى دليل قيامه مقام القطع الطريقي ـ بعد سقوط ذاك بالإجمال ـ بلا معارض.

ولو فرض الدليل على قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي وقيامه مقام القطع الموضوعي واحداً، وهو نفس دليل الاستصحاب كصحيحة زرارة مثلاً، ولكنّ دلالته على قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي كان بدلالة التزامية عرفية على ما قد يقال من أنّ دليل الاستصحاب يجعل الموّدّى او المشكوك منزلة الواقع، ولازمه العرفي كون العلم بالمؤدّى بمنزلة العلم بالواقع، فعندئذ قد يقال في المقام: إنّ الدلالة الالتزامية العرفية لا تصلح لمعارضة الدلالة المطابقية، فإنّها بمجرّد أن تعارضها يَسقط مفادها عن كونه لازماً عرفيّاً.

إلاّ أنّه بالإمكان الإيراد على هذا الجواب بأنّ دلالة رواية الاستصحاب انحلالية بعدد الموارد، والدلالة الالتزامية لكلّ من الطرفين إنّما عارضت الدلالة المطابقية للطرف الآخر، لا المطابقية التي كانت تلازمها حتّى يقال: إنّ فرض المعارضة يُنهي الملازمة العرفية لا محالة، فتسقط الدالة الالتزامية، لا المطابقية.

اللهم إلاّ أن يقال: إنّ الأمر وإن كان بالتدقيق العقلي كذلك ؛ لمكان الانحلال، ولكنّه بالنظر العرفي يُرى سقوط الدلالة الالتزامية العرفية في المقام على أثر تنافيها مع الدلالة المطابقية الرافع للالتزام، وبقاء الدلالة المطابقية على حالها.

والذي يحسم مادّة الإشكال بعد فرض تسليم أنّ نفس دليل الاستصحاب يدلّ على قيامه مقام القطع الموضوعي هو أنّ دلالة دليل الاستصحاب على ترتيب آثار المتعلّق أقوى من دلالته على ترتيب آثار اليقين