المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

565

نعم، لو انحصر في مورد مّا أثر الاستصحاب في مسألة الاخبار والاسناد، كما لو قيل في الاستصحابات التي يجريها الفقيه فيما هو خارج عن ابتلائه شخصياً: إنّ أثره إنّما هو جواز الإفتاء بالمستصحب، تساقط الاستصحابان.

 

المقام الثالث: في الأصلين المتنافيين بلحاظ عالم الإمتثال

كما في استصحاب وجوب الصلاة واستصحاب وجوب الإزالة مع عدم القدرة على الجمع بينهما. فقد يقال: إنّ هذا التنافي يسري إلى عالم الجعل باعتبار أنّ جعلهما معاً يستلزم التكليف بالمحال.

وذكرت مدرسة المحقّق النائيني (رحمه الله): أنّ هذا خلط بين باب التعارض والتزاحم، وأنّ الجواب الذي يجاب به عن الإشكال في نفس الحكمين الواقعيين المتزاحمين يأتي ـ أيضاً ـ في فرض استصحابهما.

أقول: إنّ روح الجواب الذي أجاب به المحقّق النائيني (رحمه الله) عن الإشكال في نفس الحكمين الواقعيين المتزاحمين هو أنّ كلاًّ من الجعلين موضوعه إنّما هو الإنسان القادر بالقدرة بكلا جناحيها: العقلي والشرعي، فالقدرة العقلية عبارة عن التمكّن خارجاً، والقدرة الشرعية عبارة عن عدم الانشغال بالمزاحم المساوي أو الأهمّ. إذن فلا يلزم من الجعلين التكليف بالمحال ؛ إذ مع الانشغال بأحدهما المساوي أو الأهمّ لا يكون الآخر في حقّه فعلياً لعدم فعليّة موضوعه ؛ لانتفاء القدرة الشرعية الدخيلة في الموضوع. نعم، لدى عصيانه لكليهما أو انشغاله بالمرجوح وعصيانه للراجح بأحد المرجّحات التي يراها المحقّق النائيني(رحمه الله) من الأهمية أو عدم البدل له، مع كون الآخر ذا بدل أو غير ذلك يصبح التكليفان فعليين عليه، ويسقط ما تركه بالعصيان.

وهذا الكلام ـ كما ترى ـ إنّما يدفع التنافي بين الجعلين، وهو في الحقيقة اعتراف بالتنافي بين المجعولين ـ وإن عبّر بالتنافي في مقام الامتثال ـ وإنّما صحّ للمولى الجمع بين هذين الجعلين؛ لأنّه مطمئنّ بعدم إمكان فعلية المجعولين معاً عندما لا يعصي العبد.

 


الموضوعي، فلدى التعارض الداخلي تنتفي الثانية دون الاُولى. والوجه في الأقوائية: أنّ دليل الاستصحاب كصحيحة زرارة وارد في مورد آثار المتعلّق، أو قل: آثار القطع الطريقي، وناظر إليها بالخصوص وإن فرض شمول إطلاقه لآثار القطع الموضوعي، فبطبيعة الحال تصبح دلالته بلحاظها أقوى منها بلحاظ آثار القطع الموضوعي.