المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

57

ويرد عليه: أنّ العرف لا يتعقّل التفكيك بين فرض عدم النوم داخلاً في موضوع الحكم ببقاء الطهارة وفرض النوم حدّاً وغايةً، بل يفهم من الثاني ـ أيضاً ـ الأوّل، على أنّ هذا الكلام إنّما يتوجّه بناءً على فرض الحكم عبارة عن الاعتبارات والإنشاءات ونحو ذلك. وأمّا بناءً على ما هو الحقّ من أنّه لا بدّ من لحاظ نفس الحبّ والبغض، فلا محالة يكون عدم النوم دخيلاً في عالم الحبّ والبغض، وإلاّ لما جعل النوم غاية وحدّاً للحكم، فيرجع ذلك إلى كون عدم النوم موضوعاً، ولا يبقى فرق بينهما.

4 ـ أن يقال: إنّ الطهارة من الاُمور التكوينية التي كشف الشارع عنها، وليست حكماً شرعياً مترتّباً بقاؤها على عدم النوم حتّى يمكن إثباتها باستصحاب عدم النوم، فلا بدّ من استصحاب نفس الطهارة، ولا يكفي استصحاب عدم النوم المستلزم تكويناً لبقاء الطهارة.

ويرد عليه: عدم صحّة المبنى، أعني: كون الطهارة من الاُمور التكوينية لا حكماً شرعياً. وتحقيق ذلك موكول إلى الفقه.

 

3 ـ شبهة أنّ السلب في (لا تنقض اليقين) للعموم لا للعامّ:

الأمر الثالث: جاء في كلام الشيخ الأعظم(قدس سره) ذكر شبهة في المقام، وهي: أنّ قوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ» قد يكون سلباً للعموم لا سلباً للعامّ، فلا يدلّ على الاستصحاب بنحو القضية الكلّية. واستظهر هو(قدس سره) كونه سلباً للعام لا للعموم(1).

وهذه الشبهة في نفسها لم تكن تستحقّ الذكر، إلاّ أنّ المحقّق النائيني(رحمه الله) ذكرها وفصّل الكلام في تحقيق الحال فيها، ولعلّه لأجل استخلاص قانون عام يفيد في كثير من الموارد، فذكر(قدس سره): أنّ العموم إذا كان مستفاداً بمعنىً اسمي أمكن فيه توجه السلب إلى العموم؛ لكونه منظوراً إليه بالاستقلال، كما أمكن توجّهه إلى العامّ. وأمّا إذا كان مستفاداً بمعنىً حرفي من قبيل اللام بناءً على إفادته للعموم، أو بنفس كون اسم الجنس في سياق النفي، كما في قوله: «لا


(1) راجع الرسائل: ص 331، بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.

وقد أجاب الشيخ(رحمه الله) على الشبهة:

أوّلاً: بأنّ اللام لا يدلّ على عموم واقع في سياق النفي حتّى يحمل ذلك على نفي العموم، وإنّما العموم مستفاد من وقوع الجنس في سياق النفي؛ وذلك يدلّ على سلب العامّ.

وثانياً: بأنّه لو سلّم أنّ اللام للاستغراق، فدلّ على العموم، وكان العموم في سياق النفي، قلنا: إنّ الظاهر بقرينة المقام والتعليل وقوله: «أبداً» هو عموم السلب، لا سلب العموم.