المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

571

لشمولهما خرجا عن موضوع هذه المسألة، سواء فرض التنافي بين الدليلين أو الدلالتين، أم لا.

وإن كان المقصود تعريف موضوع البحث الثاني، فلا ينبغي أن يؤخذ موضوعه من فهم معنى التعارض لغةً أو اصطلاحاً مثلاً، بل ينبغي أن يؤخذ موضوعه من الأخبار العلاجية نفسها التي لم يؤخذ في شيء منها عدا النادر عنوان التعارض أصلاً.

وإن كان المقصود ذكر عنوان يعمّ موارد الجمع العرفي وغيرها حتّى يقسّم بعد ذلك إلى قسمين، ويقال: أمّا ما وجد فيه جمع عرفي فلا يرجع فيه إلى التساقط، أو التخيير، أو الترجيح مثلاً، وأمّا ما لم يوجد فيه جمع عرفي فحكمه كذا وكذا. إذن فلا بدّ من أخذ عنوان لا يخرج منه موارد الجمع العرفي.

وأمّا الكلمة الثانية، وهي مع من يعدل عن التعريف بالتنافي بين المدلولين إلى التعريف بالتنافي بين الدليلين بلحاظ الدلالة، بدعوى أنّ التنافي بين المدلولين يثبت حتّى مع الجمع العرفي(1)، فهي: أنّ موارد الجمع العرفي كما يوجد فيها التنافي بين المدلولين كذلك يوجد فيها التنافي بين الدلالتين، فدلالة العامّ مع دلالة الخاصّ متنافيتان لا محالة، فإنّ المخصّص المنفصل لا يرفع الظهور، هذا إذا قصد بالتنافي بحسب الدلالة، التنافي بحسب الظهور، وكذلك الحال إذا قصد به التنافي بحسب الحجّيّة، فإنّ حجّيّة ظهور العامّ مع حجّيّة ظهور الخاصّ متنافيتان لا محالة. نعم، لو قصد بذلك ما ذكرناه من التنافي بين اقتضائي دليل الحجّيّة لشمولهما، فمن الواضح عدم التنافي عند الجمع العرفي؛ لأنّ اقتضاء دليل الحجّيّة لشمول العامّ معلّق على عدم الخاصّ، ولكن هذا ليس مقصوداً للمحقّق الخراساني (رحمه الله)، بقرينة أنّه (رحمه الله) يقول بأنّ التعارض هو التنافي بين الدلالتين (بنحو التناقض أو التضادّ)، ومن الواضح أنّ التنافي بين اقتضائي دليل الحجّيّة دائماً يكون بنحو التضادّ.

وأمّا الكلمة الثالثة، وهي مع مدرسة المحقّق النائيني (رحمه الله)، فنحن نقتصر هنا على جانب واحد من جوانب المناقشة، وهي المناقشة بلحاظ باب التخصيص تاركين باقي الجوانب إلى حين بيان مسائل الورود والحكومة.

فنقول: إنّه وإن جاء في لسان الشيخ الأعظم (رحمه الله) التعبير بأنّ دليل الخاصّ حاكم على دليل حجّيّة العموم، لكنّ الظاهر أنّ هذا كان مجرّد ترف علمي، وتحليل فلسفي، ولم يكن المقصود به ما تفرضه مدرسة المحقّق النائيني من الالتزام بنكات التقديم بالحكومة؛ وذلك


(1)الظاهر أنّ الورود خارج عن المقصود.