المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

574

المفطر، فبامتثال الأوّل يرتفع موضوع الثاني وإن كان هذا المثال خارجاً عن باب التعارض.

وأمّا الرابع، فمن قبيل المتزاحمين بناءً على استحالة الترتّب، فليس موضوع المهمّ يرتفع بامتثال الأهمّ، وارتفاعه بامتثال الأهمّ لا يحل مشكلة المنافاة عند القائلين باستحالة الترتّب، بل يرتفع موضوع المهمّ بمجرّد تنجّز الأهمّ، وإنّما لم نقل بارتفاعه بفعليّة الأهمّ لأنّ وجه تخصيص المهمّ بعدم الأهمّ هو قبح إيجاب المهمّ مع الأهمّ على من لا يقدر عليهما معاً مثلاً، ومن الواضح أنّ قبح إيجاب المهمّ إنّما يكون عند تنجّز الأهمّ المستدعي ـ بحسب قانون المولوية والعبودية ـ انشغال العبد به عن المهمّ. وأمّا مع عدم تنجّزه عليه فمن الواضح أنّ العقل لا يرى أيّ قبح أو استحالة في توجيه خطاب المهمّ إليه.

ومن هذا القبيل الواجبات التي يقال باشتراط القدرة الشرعية فيها بالمعنى الذي يرتفع بمجرّد تنجّز المنافي عليه، سواء امتثله أو لا، أي: إنّه أخذ فيها عدم العجز التكويني مع عدم العجز العقلي بلحاظ عالم المولوية والعبودية، بأن لا يفرض تنجّز شيء عليه يستنفد قدرته، فلا يبقى له قدرة على هذا الواجب، مثاله ما يقال من أنّ وجوب الحجّ مشروط بعدم تنجّز واجب آخر عليه وإن كنّا نحن لا نقبله، وكذلك يقال أيضاً: إنّ وجوب الوضوء يتوقّف على عدم تنجّز صرف الماء في أمر آخر كحفظ النفس مثلاً، ومن هذا القبيل ما يدّعى في الزكاة من اشتراط عدم تنجّز حرمة التصرّف عليه في النصاب في أثناء الحول، فلو تنجّز عليه ذلك ارتفع موضوع الزكاة.

وأمّا الثالث، فكتقدّم الدليل القطعي على (رفع ما لا يعلمون) إذا اقتصرنا في الغاية على حاقّ اللفظ، وهو العلم، ولم نفسّره بالتنجّز، وكتقدّم الدليل العلمي على حرمة الافتاء بغير علم.

وأمّا الثاني، فكتقدّم دلالة الكتاب أو السنّة على حرمة شيء على دليل وجوب الوفاء بالشرط إلاّ شرطاً خالف الكتاب والسنّة، وكتقدّم دليل عدم رجحان شيء، أو مرجوحيّته على دليل الوفاء بالنذر أو اليمين المشروط بالرجحان أو عدم المرجوحيّة على الأقلّ.

وأمّا الأوّل، فمثاله ما يقال في باب الزكاة من عدم تعلّق الزكاة بشيء مرّتين، ويفسّر ذلك بأنّه لا يمكن دخول عين واحدة في نصابين في سنة واحدة، فلو كان يملك عشرين إبلاً إلى ستّة أشهر، فهنا يكون حكم جعلي مقدّر على بقاء هذا النصاب إلى آخر السنّة، وهو ثبوت أربع شياة عليه، ثمّ نفرض أنّه صارت إبله على رأس ستّة أشهر خمسة وعشرين إبلاً، وهذا هو النصاب الخامس الذي فيه خمس شياة، فيقع التعارض بين دليلي جعل الزكاتين،