المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

576

الآخر؛ لأنّ المفروض أنّ ما قيّد بعدمه كلّ واحد منهما هو حكم يفرض امتيازه عليه، وليس في شيء من الحكمين امتياز على الآخر، إذن فلا يوجد حاكم في المقام، فيقع بينهما التعارض أو التزاحم.

الرابع: أن يفرض أنّه اُخذ في أحدهما عدم الآخر اللولائي، كما في الصورة الثانية، وفي الثاني عدم الآخر بالنحو الذي مضى في الصورة الثالثة، فيفرض مثلاً أنّ النذر مشروط بالعدم اللولائي لما يزاحمه، والحجّ مشروط بعدم حكم آخر مخالف له يمتاز عليه بأنّه ليس مقيّداً بقيد من قبيل قيد الأوّل حتّى يمنعه عن التقدّم، وعندئذ يتقدّم هذا الحكم على ذاك الحكم المقيّد بالعدم اللولائي وهذا أحد الوجوه الفنّية لتقديم الحجّ على النذر، فيقال: إنّ وجوب الوفاء بالنذر مقيّد بأن لا يجب ما يزاحمه ولو كان وجوباً ثابتاً لولا النذر، ولا إشكال في أنّ الحجّ واجب ثابت لولا النذر، إذن فموضوع النذر منتف.

وأمّا وجوب الحجّ فهو مقيّد بعدم حكم مخالف يمتاز عليه. وهنا لا يوجد حكم مخالف يمتاز عليه؛ فإنّ الحكم المخالف الموجود إنّما هو وجوب الوفاء بالنذر الذي هو مقيّد بقيد أسوأ من قيد الحجّ، فلا يمتاز عليه، فموضوع وجوب الحجّ تامّ.

هذا كلّه إذا فرض تقيّد كلّ واحد من الحكمين بعدم الحكم الآخر.

وقد يفرض أنّ أحدهما مقيّد بعدم الحكم المخالف، لكنّ الآخر مقيّد بعدم امتثال المخالف، فيتقدّم الثاني على الأوّل. وهذا ـ أيضاً ـ أحد الوجوه الفنّيّة لتقديم الحجّ على النذر، حيث يقال مثلاً: إنّ دليل النذر اُخذ فيه عدم الحكم المخالف، وأن لا يكون محلّلاً للحرام، ودليل الحجّ اُخذ فيه القدرة التي بعد التوسيع تشمل عدم انشغاله بامتثال حكم آخر. وعليه فالحجّ مقدّم على النذر؛ لأنّ النذر غير قابل لوجوب الوفاء في هذا الفرض؛ لأنّه كيف يجب الوفاء به؟ هل يجب الوفاء به مطلقاً، أي: سواء امتثل العبد هذا الوجوب أو لا، أو يجب الوفاء به بقيد امتثاله؟

أمّا الأوّل فغير معقول؛ لأنّه عند عدم امتثاله يصبح الحجّ فعلياً، وإذا أصبح فعلياً تقدّم عليه؛ لأنّ النذر مقيّد بعدم الحكم الآخر.

وأمّا الثاني فأيضاً غير معقول؛ لعدم معقوليّة تعليق وجوب شيء على امتثاله.

هذا. ويمكنك بالتأمّل استخراج أقسام اُخرى.

هذا تمام الكلام في أصل توضيح الورود من طرف واحد، أو من طرفين.