المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

577

أحكام الورود:

بقيت ملاحظات حول أحكام الورود هي:

1 ـ إنّ الوارد يتقدّم ـ ولو كان من أضعف الظهورات ـ على المورود ولو كان من أقوى الظهورات؛ وذلك لأنّ الوارد يرفع موضوع المورود حقيقة، والمورود لا يتعرّض لحال موضوعه، فلا يكون أيّ تناف بينهما. والترجيح بأقوائية الظهور إنّما يتصوّر في فرض التنافي، وهنا لا تنافي، فنأخذ بكليهما، ولا محالة يرتفع موضوع المورود في مورد الوارد.

2 ـ إذا شكّ في الوارد لم يمكن التمسّك بالمورود، سواء كان الشكّ في أصل الورود، أو في حجمه بنحو الشبهة المفهومية أو المصداقية، وسواء كان الشكّ في الوارد المتّصل أو المنفصل، فالتفصيلات التي تذكر في التمسّك بالعامّ عند الشكّ في المخصّص بلحاظ كون المخصّص متّصلاً أو منفصلاً، أو كون الشبهة مفهومية أو مصداقية ونحو ذلك، لا تأتي هنا؛ فإنّ احتمال الوارد مساوق لاحتمال انتفاء موضوع المورود، فيكون التمسّك بالمورود تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقية لموضوع العامّ. نعم، قد يحرز موضوع العامّ بالاستصحاب إذا لم تكن الشبهة مفهومية.

3 ـ لا فرق بين الوارد المتّصل والمنفصل في هدم الظهور، وليس حاله حال المخصّص الذي لو كان منفصلاً لم يهدم إلاّ الحجّيّة دون الظهور.

وبكملة أوضح: إنّ الوارد لو كان يرد بوصوله، أي: إنّه بوصوله كان يرتفع موضوع المورود كما في الخبر المتواتر الذي بوصوله يرفع موضوع (رفع ما لا يعلمون) فقبل وصوله يكون ظهور العامّ محفوظاً مع حجّيّته، وبمجرد الوصول ترتفع الحجّيّة مع الظهور؛ لأنّه يخرج المورد عن تحت موضوع العامّ حقيقةً، ولو كان يرد بمضمونه لا بوصوله، أي: إنّه يخبر عن انتفاء الموضوع في نفسه فهو ـ في الحقيقة ـ لا يعارض العامّ؛ لأنّ العامّ لم يكن يتكفّل بثبوت الموضوع، وإنّما يعارض الاستصحاب الذي قلنا: إنّه قد يثبت به موضوع العامّ.

4 ـ لا فرق في تقدّم الوارد بين كونه قطعياً أو كونه حجّة شرعاً؛ فانه يخبر عن عدم الموضوع، ولا يعارضه العامّ، فإذا كان المخصّص يتقدّم على العامّ ولو لم يكن قطعياً، وإنّما كان حجّة بالتعبّد، فالوارد بالطريق الأولى.

5 ـ الورود لا يحتاج إلى النظر، بخلاف الحكومة.

ويتفرّع على ذلك أمران:

أ ـ إنّه عند تعدّد الآثار لا نحتاج لإثبات جميع الآثار إلى إطلاق دليل الوارد؛ فإنّ الحاجة