المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

58

تنقض اليقين» فلا يمكن أن يكون السلب متوجّهاً إلى العموم. أمّا في الأوّل فلأنّ العموم مستفاد بمعنىً حرفي، والمعنى الحرفي غير منظور إليه استقلالاً، فلا يمكن توجيه السلب إليه. وأمّا في الثاني فلأنّ العموم مستفاد بحكم العقل من باب أنّ سلب الطبيعة لا يكون عقلاً إلاّ بسلب تمام أفرادها، وهذا كما ترى عموم في طول السلب فيستحيل توجه السلب إليه(1).

ويوجد في تقرير الشيخ الكاظمي(قدس سره)(2) تشويش في المقام، حيث ذكر في عنوان المطلب الفرق بين العموم والإطلاق بكون الأوّل معنىً اسمياً يلحظ مستقلاً، فيصحّ توجّه السلب إليه، والثاني معنىً حرفياً غير ملحوظ استقلالاً. ثمّ ذكر في مقام بيان الفرق: أنّ الإطلاق ومقدّمات الحكمة يكون في طول الحكم، فيستحيل توجّه السلب إليه(3).

وهذا الكلام ـ بغضّ النظر عن أنّه يغاير ما عنون به المطلب ـ إن كان صادراً من المحقّق النائيني(قدس سره) يوجب تهافتاً في مبانيه، وذلك لأنّه(قدس سره) يرى أنّ العامّ دائماً يحتاج إلى الإطلاق ومقدّمات الحكمة؛ لكون أداة العموم إنّما تدلّ على شمول ما اُريد من مدخوله بالإرادة الجدّية من الأفراد، فلا بدّ من تعيين ذلك بالإطلاق، وإذا كان الإطلاق في طول الحكم إذن فالسلب لا يتسلّط على العموم بلا فرق بين العام و المطلق.

وعلى أيّ حال، فما ذكره(قدس سره) ـ من أنّ العموم إذا كان بنحو المعنى الحرفي لا يمكن تسلط النفي عليه لكونه غير ملحوظ استقلالاً ـ يرد عليه: أنّ تسلّط النفي عليه ليس معناه لحاظه استقلالاً وتوجيه النفي إليه، وإنما معناه تسلط النفي على العامّ بما هو عامّ، لا على ذات العامّ، كما هو الحال عند إرادة نفي أيّ قيد حرفيّ، فمثلاً إذا اُريد نفي تقيّد الجلوس بكونه في الدار لا نفي أصل الجلوس، يقال: (ما جلست في الدار)، فقد نفيت هنا النسبة الظرفيّة، لكن لا بمعنى توجيه النفي ابتداءً إلى النسبة الظرفيّة حتى يقال: إنّ المعنى الحرفي لا يلحظ مستقلاًّ، بل بمعنى توجيه النفي إلى المقيّد بما هو مقيّد، فينفى ـ لا محالة ـ القيد.

وأمّا ما ذكره(قدس سره) من أنّ الإطلاق إذا كان بملاك وقوع الطبيعة في سياق النفي فهذا إطلاق عقليّ في طول النفي ولا يمكن أن يتوجّه إليه النفي، فيرد عليه: أنّ العقل إنّما يحكم بأنّ ما نفي لا بدّ من انتفاء تمام أفراده. وأمّا أنّه هل نفيت ذات الطبيعة بلا قيد حتّى ينتفي تمام أفرادها، أو


(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 361.

(2) ج 4، ص 121، بحسب الطبعة التي هي من منشورات مؤسّسة النصر ومكتبة النصر بطهران. وص 338 ـ 339 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.

(3) ليس هذا نقلاً لكل ما ورد في فوائد الاُصول، وإنّما هو نقل لما ذكره بلحاظ المفرد المحلّى باللام.