المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

581

1 ـ إنّ الحاكم يقدّم على المحكوم سواء كان متّصلاً أو منفصلاً. فان كان متّصلاً رفع الظهور؛ لأنّه يحقّ للمتكلّم عقلائياً أن يلحق بكلامه ما شاء من القرائن لدفع انعقاد الظهور التصديقي ما دام متشاغلاً بالكلام. وإن كان منفصلاً لم يرفع الظهور، وإنّما يرفع الحجّيّة؛ لأنّ الظهور قد انعقد بانتهاء الكلام، والحاكم شأنه من هذه الناحية شأن المخصّص الذي يرفع الظهور لو كان متّصلاً، ويرفع الحجّيّة فقط لو كان منفصلاً.

2 ـ إنّ الحاكم يقدّم ـ ولو كان من أضعف الظهورات ـ على المحكوم ولو كان من أقوى الظهورات. وقاعدة تقديم أقوى الظهورين لا تأتي هنا؛ وذلك لأنّ تقديم أقوى الظهورين إنّما هو على أساس نظام عامّ لفهم المراد من الكلام عند العرف والعقلاء. وتقديم الحاكم على المحكوم يكون على أساس نظام خاصّ فرضه المتكلّم لفهم مراده، وطبعاً النظام الخاصّ الذي يفرضه المتكلّم لفهم مراده يتقدّم على النظام العامّ.

وهذه هي نكتة تقديم الحاكم ولو كان أضعف الظهورات على المحكوم ولو كان أقواها، لا ما ذكره السيّد الاُستاذ من عدم المعارضة بينهما، فقد مضى توضيح وجود المعارضة بينهما.

هذا. وظهور الحاكم في النظر، وكون ظهوره المعارض لظهور المحكوم مقدّماً عليه ـ أيضاً ـ لا يشترط أن يكون أقوى من ظهور المحكوم، فهو يوجب التقدّم ولو كان من اضعف الظهورات، فإنّ ظهور الحاكم في النظر قد يكون قوياً جدّاً فيقول مثلاً: إنّما عنيت الشكّ بين الثلاث والأربع، وقد يكون أضعف من ذلك، ويتدرّج في الضعف إلى أن يصل إلى مرتبة مناسبات الحكم والموضوع، وعلى أيّ حال فمهما بلغ الظهور في النظر من الضعف ـ ما دام لم يسقط عن كونه ظهوراً ـ يكون حجّة؛ فإنّه يكفي في تخصيص القرارات النوعية أقلّ الظهورات.

3 ـ إنّ موازين التمسّك بالمحكوم عند أقسام الشكّ في الحاكم المنفصل هي نفس موازين التمسّك بالعامّ عند أقسام الشكّ في التخصيص المنفصل، فيجوز التمسّك به في باب الحكومة عندما يجوز التمسّك به في باب التخصيص، ولا يجوز حينما لا يجوز هناك؛ وذلك لأنّ الحاكم المنفصل لم يرفع ظهور المحكوم، ولا أوجب انتفاء موضوعه، فحاله في ذلك حال المخصّص.

4 ـ إذا تعدّدت الآثار فإنّما تثبت تلك الآثار بمقدار نظر الحاكم، فمثلاً الصلاة مشروطة بالطهارة عن الحدث وبالطهارة عن الخبث، ولها آثار اُخرى، فحينما يقول: (الطواف بالبيت صلاة) لا بدّ أن يرى مقدار نظر هذا الكلام إلى تلك الآثار، فلا تثبت إلاّ الآثار التي يكون الحاكم ناظراً إليها؛ وذلك لأنّ نكتة الحكومة ودلالته على الحكم هي النظر، فتتقدّر بمقدار