المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

583

وأمّا حال الاستثناء من قبيل (أكرم هؤلاء العشرة إلاّ زيداً) أو (أكرم كلّ عالم إلاّ زيداً) فسنشير إليه في الأثناء إن شاء الله.

وعلى أي حال، ففي الإجابة عن هذين السؤالين اتّجاهان:

الاتّجاه الأوّل: هو الاتّجاه المختار من افتراض وجود دلالة تصوّرية جديدة مخلوقة للسياق في مقابل الدلالة التصوّرية للعامّ والدلالة التصوّرية للخاصّ، ولا نقصد بذلك البرهنة على تقديم الخاصّ على العامّ، وإنّما المقصود تفسير ذلك بعد الفراغ عنه بحسب الوجدان العرفي.

ونوضّح المقصود بعد ذكر مقدّمة، وهي: انّ الكلام يدلّ بالدلالة التصوّرية على معناه المستفاد من نظام اللغة، أي: إنّه يُخطر بالبال معناه، ثمّ بعد ذلك تتحقّق دلالة تصديقية من الدرجة الاُولى، وهي كشف الكلام عن المراد الاستعمالي للمتكلّم، أعني إرادته لا نتقاش المعنى في الذهن.

والدلالة الاُولى أعني التصورية ليس فيها كشف، وليست إلاّ مجرّد انتقاش الصورة في الذهن، ولذا سمّيت بالدلالة التصوّرية، والدلالة الثانية تكشف عن إرادة المتكلّم لهذا الانتقاش.

وتتعيّن الصورة التي يريد المتكلم نقشها في الذهن على أساس الغلبة أو التعهّد العامّ بين العقلاء مع غلبة جري أيّ متكلّم وفق ذلك التعهّد، فمثلاً حينما يقول المتكلّم: (رايت أسداً) فهنا صورتان ذهنيّتان يمكن أن يصوّرهما الكلام: إحداهما صورة المعنى الحقيقي، أي رؤية الحيوان المفترس، والاُخرى صورة المعنى المجازي، أي الرجل الشجاع. ونكتشف ـ ولو كشفاً ظنياً مثلاً ـ إرادة المتكلّم الحيوان المفترس: إمّا على أساس غلبة استعمال اللفظ بلا قرينة في معناه الحقيقي. وإمّا على أساس التعهّد النوعي باستعمال اللفظ عند عدم القرينة في معناه الحقيقي مع غلبة جريان كلّ فرد وفق ذلك التعهّد، وبعد ذلك تصل النوبة إلى الدلالة التصديقية من الدرجة الثانية، وهي كشف الكلام عن كون داعي المتكلّم إلى إرادة نقش الصورة في ذهن السامع، وهي صورة النسبة الطلبيّة من الأمر هو الجدّ مثلاً، أي وجود ذلك الطلب في نفسه حقيقة لا داعي الاستهزاء، أو التعجيز، أو غير ذلك.

وهذا الكشف ـ أيضاً ـ يكون على نفس أحد الأساسين، أي الغلبة أو التعهّد النوعي مع غلبة الجري على وفقه.

ثمّ الدلالة التصوّريّة تكون للمواد، وتكون لهيئات المفردات، وتكون للحالات السياقيّة