المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

587

موضوع العموم بهذا المقدار، وينعقد العموم رأساً فيما عدا النحويين، فيتّضح بذلك سرّ التخصيص، وسرّ حجّيّة العامّ في الباقي.

وهنا سؤال يمكن إثارته في المقام، وهو: أنّه إذا كانت دلالة أداة العموم على الشمول في طول مقدّمات الحكمة لزمت لغوية وضع واضع اللغة لها؛ لأنّه متى ما لم تجرِ مقدّمات الحكمة لا تفيد الأداة، ومتى ما جرت أغنتنا عن أداة العموم.

ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنّ أداة العموم تفيد فائدة زائدة باعتبار انقسام العموم إلى البدلية والمجموعية والاستغراقية. والإطلاق ـ أيضاًـ وإن كان قد يدلّ تارةً على البدلية واُخرى على الاستغراقية، إلاّ أنّه لا باس بتعدّد الدوالّ، فإنّ دلالة العموم على ذلك ليست في طول دلالة الإطلاق على ذلك؛ فلا تكون لغواً.

إلاّ أنّ هذا الجواب إنّما يتمّ لو كانت البدلية والمجموعية والاستغراقية مستفادة من نفس أداة العموم، بأن يقال مثلاً: إن كلمة (المجموع) تدلّ على العموم المجموعي، وكلمة (الجميع) على العموم الاستغراقي، وكلمة (أيّ) على العموم البدلي، لكنّه ليس الأمر كذلك.

والصحيح في الجواب أن يقال: إنّ اداة العموم يختلف مدلولها عن الإطلاق، حيث إنّ أداة العموم تعطي صورة الشمول للأفراد، والإطلاق يعطي صورة الطبيعة والماهية بلا قيد، ويكفي ـ طبعاً ـ في رفع اللّغْوية اللُغَويّة إبراز فائدة لُغَوية، والفائدة اللُغَوية عبارة عن اختلاف الصورتين المعطيتين إلى الذهن ولو لم تترتّب على ذلك فائدة فقهية.

وعلى أيّة حال فهذا التفسير لمسألة التخصيص غير صحيح؛ فإنّه مع كونه خلاف الوجدان كما ذكره المحقّق الخراساني (رحمه الله)(1) والسيد الاُستاذ(2) بإمكاننا إبراز النكتة الفنّية لضعفه، وهي: أنّه خلط بين الدلالة التصوّرية والدلالة التصديقية.

وتوضيح ذلك: أنّه ماذا يقصد بكلمة المراد في قوله: (إنّ أداة العموم تدلّ على شمول أفراد مراد المدخول)؟ هل يقصد به مفهوم المراد، أو يقصد به واقع المراد؟

فإن قصد به مفهوم المراد فمن الواضح عدم تبادر مفهوم المراد إلى الذهن، وإن قصد به واقع المراد فهو من باب الدلالة التصديقية، ونحن يجب أن نتكلّم في مفاد الكلام، أي: الصورة التي ينقشها في الذهن قبل أن نصل إلى مرحلة المراد، فما هو المعنى الذي يفهم من


(1) لم أجده في الكفاية.

(2) راجع أجود التقريرات ج1 ص441 تحت الخط بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات السيد الخوئي (رحمه الله)والمحاضرات للفياض ج5 ص158 ـ 161 بحسب طبعة مطبعة مهر بقم.