المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

60

4 ـ شبهة اقتصار الاستصحاب على موارد الارتكاز:

الأمر الرابع: قد مضى أنّ أحد الوجوه الصحيحة لتعميم حكم الاستصحاب في هذه الصحيحة عن مورده هو التمسّك بالارتكاز العرفي، وقد يقال إشكالاً على هذا الوجه: إنّه لا يثبت به إطلاق الحكم بالنحو المقصود، بل لا بدّ من الاقتصار على موارد الارتكاز، ففي مثل مورد الظنّ بالخلاف مثلاً يشكل إثبات الاستصحاب بهذا الحديث؛ لعدم معلوميّة ثبوت الارتكاز فيه.

والجواب: أنّ الارتكاز العرفي قد يكون جليّ الأطراف واضح الحدود في نظر العرف، فيصرف الحكم ـ لا محالة ـ إلى نفسه بحدوده وقيوده، وقد يكون ارتكازاً مطّاطاً مختلف المراتب غير واضح الحدود ولا جليّ الأطراف، وهذا هو الحال في ما نحن فيه، وهذا الارتكاز غاية ما يصنعه أنّه يُلغي خصوصية المورد؛ لكون دخول خصوصيّته على خلاف الارتكاز، وفي طول ذلك يجري الإطلاق ومقدّمات الحكمة لنفي خصوصية اُخرى محتملة الدخل في الحكم، فيثبت في المقام الحكم الاستصحابي بإطلاقه.

 

الرواية الثانية:

وهي صحيحة ثانية لزرارة، قال: «قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من المني، فعلّمت أثره إلى أن أصبّ عليه الماء (اصيب له الماء ـ خ ـ) فحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئاً، فصلّيت ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟ قال: تعيد الصلاة وتغسله. قلت: فإن لم أكن رأيت موضعه، وعلمت أنّه قد أصابه، فطلبته ولم أقدر عليه، فلمّا صلّيت وجدته؟ قال: تغسله وتعيد. قلت: فإن ظننت أنّه أصابه ولم أتيقّن، فنظرت ولم أرَ شيئاً، فصلّيت فرأيت فيه؟ قال: تغسله ولا تعيد. قلت: لمَ ذلك؟ قال: لأنّك كنت على يقين من طهارتك، فشككت، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً. قلت: فإنّي قد علمت أنّه قد أصابه ولم أدرِ أين هو فأغسله؟ قال: تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنّه قد أصابها حتّى تكون على يقين من طهارتك. قلت: فهل عليّ إن شككت أنّه أصابه شيء أن أنظر فيه؟ قال: لا، لكنّك إنّما تريد أن تذهب بالشكّ الذي وقع في نفسك. قلت: إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة؟ قال: تنقض الصلاة، وتعيد إذا شككت في موضع منه ثمّ رأيته، وإن لم تشكّ ثمّ رأيته رطباً، قطعت الصلاة وغسلته، ثمّ بنيت على الصلاة؛