المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

602

مثلا بغضّ النظر عن أنّه يدلّ على المعنى الفلاني أو لا.

فإن بنينا على المبنى الأوّل وهو أنّ حجّيّة كلّ من السند والظهور مشروطة بحجّيّة الآخر فتعميق الإشكال في سريان التعارض من الظهور إلى السند يكون بأن يقال: إنّ حجّيّة السند مشروطة بحجّيّة الظهور، فإذا تعارض الظهوران وتساقطا انتفت حجّيّة السند بانتفاء شرطها، فيكون سقوط السندين من باب أنّه لا موضوع لحجّيّتهما، لا من باب أنّهما تعارضا في الحجّيّة، وبهذا يبطل ما قد يقال من سريان التعارض من الظهورين إلى السندين؛ لأجل أنّ حجّيّة السند مشروطة بحجّيّة الظهور، فالتنافي بين الظهورين في الحجّيّة يولّد التنافي بين السندين في الحجّيّة، فانّك عرفت ان مقتضى كون حجّيّة السند مشروطة بحجّيّة الظهور أنّه بعد تعارض الظهورين وتساقطهما تنتفي حجّيّة السند من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

والتحقيق في مقام الجواب عن هذا الإشكال هو أنّ حجّيّة السند وإن قيّدت بحجّيّة الظهور، ولكنّ إطلاق دليل حجّيّة السند يثبت في المقام القيد، وهو حجّيّة الظهور، وذلك لأنّ حجّيّة الظهور وعدمها أمر يكون مرتبطاً بالمولى، ومعرفته بيده، فالعامّ الذي يصدّره المولى بشأن حجّيّة السند يدلّ على أنّه قد أحرز تحقّق هذا القيد، وقد قلنا في محلّه: إنّ العامّ حجّة في الشبهة المصداقية للمخصّص إذا كان القيد سنخ قيد من شأن المولى بيانه، ولم تكن نسبته إلى المولى والعبد على حدّ سواء، فمثلا لو دلّ إطلاق الدليل على وجوب الحجّ، وقد عرفنا أن مزاحمة واجب اهم تمنع عن وجوب الحج، فنفس إطلاق الدليل الدالّ على وجوب الحجّ يدلّ على عدم وجود مزاحم أهمّ له، وعليه فالتعارض يسري من الظهور إلى السند.

وإن بنينا على المبنى الثاني، وهو أنّ حجّيّة الظهور مشروطة بحجّيّة السند دون العكس، فتعميق الاشكال يكون بأن يقال: إنّ دليل حجّيّة الظهور ـ في الحقيقة ـ يدلّ على حجّيّة الظهور على تقدير الصدور؛ لأنّ مفاده إنّما هو حجّيّة ظهور كلام المولى، ودليل حجّيّة السند يثبت المعلّق عليه، أعني شرط حجّيّة الظهور، وهو الصدور من المولى، وبثبوت مجموع القضية الشرطية مع الشرط يثبت الجزاء، وهذا ثابت في كلّ واحد من الخبرين، فيقع التعارض، فالتعارض ـ في الحقيقة ـ له طرفان: أحدهما مجموع القضيّة الشرطية مع الشرط في جانب أحد الخبرين، والآخر مجموع القضية الشرطية مع الشرط في الطرف الآخر، فنحن نعلم إجمالا بعدم أحد المجموعين، وهذا معناه أنّنا نعلم إجمالا بأنّ أحد الخبرين: إمّا سنده غير حجّة أو ظهوره غير حجّة وهذا العلم الاجمالي يتولّد منه العلم الإجمالي بعدم حجّيّة أحد الظهورين: إمّا تخصيصاً، وذلك بأن يكون صادراً لكن ظهوره غير حجّة، أو