المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

604

إنّما هي حجّيّة ظهور كلام المولى، كما مضى فى المبنى الثاني، بل الصحيح: أنّ مفاد دليل حجّيّة السند إنّما هو إثبات الواقع به، وتنجيزه والتعذير عنه، فهذا ـ لا محالة ـ يتضمّن حجّيّة الظهور، فيسري التعارض ـ لا محالة ـ إلى مفاد دليل حجّيّة السند، بل هذا التعبير مسامحة، والواقع أنّ التعارض ابتداءً ثابت في مفاد دليل حجّيّة السند.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ الخبرين إن كانا قطعيّي الصدور ظنّيّي الدلالة فالتعارض في الدلالة دون السند. وإن كانا بالعكس فبالعكس. وإن كانا ظنّيّي الصدور والدلالة فالتعارض يكون في الدلالة والصدور معاً.

إلاّ أنّ هذا التقسيم الثلاثي ليس جامعاً لجميع الأقسام، فإنّ الظهورين: إمّا كلاهما قطعيّان، أو كلاهما ظنّيّان، أو أحدهما قطعيّ والآخر ظنّيّ. فهذه ثلاثة أقسام.

وعلى أيّ تقدير، فالسندان: إمّا كلاهما قطعيّان، أو ظنّيّان، أو مختلفان. فهذه تسعة أقسام، واحد منها مستحيل، والباقي قد عرف حكمه ممّا مضى.

وتوضيح ذلك أنّه: إن كان الظهوران قطعيّين فهذا على ثلاثة أقسام:

1 ـ أن يكون السندان قطعيّين، وهذا مستحيل.

2 ـ أن يكون السندان ظنّيّين والتعارض عندئذ يقع بين السندين.

3 ـ أن يكون أحدهما قطعيّ السند والآخر غير قطعي، فيؤخذ بقطعي السند، ويقطع بكذب الآخر.

وإن كان الظهوران ظنّيّين فهذا على ثلاثة أقسام:

1 ـ أن يكون السندان قطعيّين، فيقع التعارض بين الدلالتين.

2 ـ أن يكون السندان ظنّيّين، وهذا ما كنّا نتكلّم عنه حتّى الآن، وتبيّن أنّ التعارض ثابت بين الدلالتين وبين السندين.

3 ـ أن يكون أحدهما قطعيّ السند والآخر ظنّيّ السند، فيؤخذ بقطعيّ السند، ويصبح الآخر ممّا خالف الكتاب أو السنّة القطعيّة، ويسقط عن الحجّيّة.

وإن كان أحد الظهورين قطعيّاً والآخر ظنّيّاً، فعلى جميع التقادير يؤخذ بقطعيّ الظهور، ويجعل قرينة على ما هو المراد من ظنّي الظهور.

هذا تمام الكلام في المقدّمات.

وبعد هذا نشرع في صلب الموضوع وهو أنّه ما هو مقتضى القاعدة في الخبرين المتعارضين؟