المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

61

لأنّك لا تدري لعلّه شيء اُوقع عليك، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ»(1).

 

فقه الرواية:

وهذه الرواية قد تكفّلت ستّة أسئلة من قبل زرارة مع أجوبتها من قبل الإمام(عليه السلام).

1 ـ إذا صلّى الإنسان في ثوب نجس نسياناً لنجاسته بعد علمه بها، والجواب هو: وجوب إعادة الصلاة.

2 ـ لو علم إجمالاً بوقوع النجاسة في بعض نواحي الثوب ولم يقدر على تعيين موضعها بالفحص، فهل يكفي فحصه وعدم رؤيته لها بالرغم من علمه الإجمالي بوجودها، أو لا؟ والجواب يكون بالنفي. وقوله: «لم أقدر عليه» ظاهر في أنّ أصل وجود ما عُلم سابقاً يكون لا زال مفروغاً عنه لكنه لم يقدر على وجدانه، لا أنّ علمه الإجمالي تبدّل إلى الشكّ في أصل النجاسة. نعم، لو كان يعبّر بقوله: (لم أره) بدلاً عن قوله: (لم أقدر عليه) لأمكنت دعوى احتمال تبدّل علمه إلى الشكّ.

3 ـ لو ظننت الإصابة، ففحصت ولم أجد، فصلّيت فرأيت فيه، فقال(عليه السلام): «تغسله ولا تعيد» باعتبار أنّك كنت على يقين من الطهارة فشككت، ولا ينبغي نقض اليقين بالشكّ. وهذه الفقرة مع الفقرة السادسة هما محل الشاهد في هذا الحديث.

وهذا السؤال من زرارة يتصوّر فيه احتمالات أربعة، أحدها فاسد يقيناً، والباقي محتمل على اختلاف درجات الاحتمال.

الأوّل: أن يقصد أنّه فحص إلى أن حصل له العلم بعدم وجود النجاسة، ثمّ صلّى، وبعد الصلاة وجدها، وعلم بأنّها هي النجاسة التي ظنّ بها ولم يجدها.

وبناءً على هذا الاحتمال لا يكون حال السائل من موارد الاستصحاب، ولا من موارد قاعدة اليقين؛ لأنّه لم يكن شاكّاً لا في حال الصلاة، لعلمه بالطهارة، ولا بعدها لعلمه بالنجاسة في حال الصلاة. ومن هنا يكون هذا الفرض غير محتمل، باعتبار أنّ المفروض في جواب الإمام(عليه السلام) هو تطبيق قاعدة من قواعد الشكّ، وفرض وجود شكّ في المقام.

الثاني: أنّه علم بالعدم عند الفحص وعدم الظفر، وبعد الوجدان عقيب الصلاة احتمل كونها نفس ما فحص عنها وعدمه، فينطبق على المقام الاستصحاب بلحاظ حال السؤال،


(1) التهذيب: ج 1، ح 1335.