المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

611

ملاك يوجد عند التزام العبد ولا يوجد عند عدم التزامه، كان دليل الحجّيّة العامّ بضميمة عدم احتمال ذلك بحسب الارتكاز العقلائي دالّاً على وجوب الأخذ بأحدهما، فدليل الحجّيّة العامّ يدلّ على حجّيّة ما يؤخذ به بالمطابقة، وعلى وجوب الأخذ بأحدهما بالالتزام.

وطبعاً وجوب الالتزام بأحدهما حكم ظاهري كما هو الحال بلحاظ الأخبار العلاجية، أي: إنّه لو لم يلتزم بأحدهما كان الواقع منجّزاً عليه.

والتحقيق: أنّه لا بدّ من طرح اُسلوب آخر للتعرّف على ما هو مقتضى القاعدة غير ما ذكره السيّد الاُستاذ واعتمد عليه، فنقول: إنّهم تارةً يبحثون عمّا هو مقتضى القاعدة لو بقينا نحن ودليل الحجّيّة العامّ: هل هو الترجيح، أو التخيير، او التساقط.وهذا ما يُعبَّر عنه بالأصل الأوّلي، واخرى يبحثون عن أنّه لو فرض أنّنا عرفنا بنكتة من إجماع وغيره عدم التساقط ودار الأمر بين التعيين والتخيير، فهل الأصل هو التخيير أو التعيين والترجيح.

وهذا ما يعبَّر عنه بالأصل الثانوي. إذن فيقع الكلام في جهتين:

 

مقتضى الأصل الأوّلي في الخبرين المتعارضين:

الجهة الاُولى: فيما هو مقتضى الأصل الأوّلي عند دوران الأمر بين الترجيح والتخيير والتساقط.

فنقول: إنّ هناك فروضاً أربعة:

الفرض الأوّل: أن يفترض العلم الخارجي بأنّ نكتة الحجّيّة إن كانت موجودة في الخبرين المتعارضين فهي أقوى في أحدهما المعيّن منها في الآخر، فلنفرض مثلا أنّه وقع التعارض بين رواية لزرارة ورواية لمحمد بن مسلم، إلاّ أنّ رواة الرواية الاُولى كانوا أكثر وثاقة بكثير من رواة الرواية الثانية، فقطعنا بأنّ نكتة الحجّيّة إن كانت فهي أقوى في رواية زرارة، وعندئذ نقطع بسقوط إطلاق دليل الحجّيّة لرواية محمد بن مسلم؛ إذ: إمّا أنّ نكتة الحجّيّة غير موجودة عند التعارض، فرواية محمد بن مسلم غير حجّة، أو موجودة وهي أقوى في رواية زرارة، ومقدّمة على رواية محمد بن مسلم، فأيضاً رواية محمد بن مسلم غير حجّة، وعليه فيبقى إطلاق دليل الحجّيّة لرواية زرارة بلا معارض، ففي هذا الفرض يتعيّن الترجيح.

الفرض الثاني: أن يفترض العلم الخارجي بأنّ نكتة الحجّيّة إن كانت موجودة في المتعارضين فنسبتها إلى كليهما على حدّ سواء، كما إذا لم تكن مزيّة لأحد السندين على