المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

612

الآخر، ونضمّ إلى ذلك استظهار عدم وجود نكتة نفسيّة توجب جعل المولى للحجّيّة لإحدى الروايتين بعينها، وذلك باستظهار الطريقيّة الصرف من دليل الحجّيّة، وعندئذ نقطع بأنّ إطلاق دليل الحجّيّة لكل واحد من الخبرين عند الأخذ والالتزام بالآخر مثلا ساقط حتماً: إمّا لعدم وجود نكتة الحجّيّة راساً عند تعارض الخبرين، أو لأن نكتة الحجّيّة ليست بأقوى في أحدهما، فلا تقتضي حجّيّته على التعيين، أي: حتى عند الأخذ بالآخر. وعليه فيبقى إطلاق دليل الحجّيّة لكلّ واحد منهما عند الأخذ والالتزام به بلا معارض، ففي هذا الفرض يتّجه التخيير.

الفرض الثالث: أن نحتمل الترجيح لأحدهما المعيّن، وهو خبر زرارة مثلا، ولا نحتمل الترجيح للآخر، وهو خبر محمد بن مسلم مثلا، وعندئذ نقطع بسقوط إطلاق دليل الحجّيّة لخبر محمد بن مسلم عند الأخذ بخبر زرارة: إمّا لعدم وجود نكتة الحجّيّة في فرض التعارض رأساً، أو لتساوي نسبتها إليهما، فلا تقتضي حجّيّة خبر محمد بن مسلم تعييناً، أي: حتّى عند الأخذ بخبر زرارة، أو لأرجحيّتها في خبر زرارة، فيقدّم على خبر محمّد بن مسلم. وعليه فيبقى إطلاق دليل الحجّيّة لخبر زرارة عند الأخذ به سليماً عن المعارض، وبذلك يثبت عدم التساقط، وعدم انتفاء نكتة الحجّيّة عند التعارض راساً، فيدور الأمر بين التعيين والتخيير، فتدخل المسألة فيما سيأتي ـ إن شاءالله ـ من الجهة الثانية التي يبحث فيها عن الأصل الثانوي المعيّن للتعيين أو التخيير عند دوران الأمر بينهما بعد فرض الفراغ عن عدم التساقط.

الفرض الرابع: أن يحتمل الترجيح في كلّ واحد منهما سواء احتمل التساوي أولا، واحتمال الترجيح في كلّ واحد منهما يكون: إمّا لاحتمال النكتة النفسية بناء على عدم استظهار الطريقية الصرف من دليل الحجّيّة، أو لاحتمال النكتة الطريقية للترجيح في كلّ واحد منهما، كما لو كان أحدهما أعدل والآخر أفقه، فاحتملنا أرجحية خبر الأعدل لأبعديّته عن الكذب والمسامحة، واحتملنا أرجحيّة خبر الأفقه لأبعدّيته عن الخطأ في النقل بالمعنى، وعندئذ يقال في بداية الأمر بالتساقط، لاحتمال حجّيّة كلّ منهما حتّى عند الأخذ بالآخر، فلا يمكن إثبات التخيير بالتمسّك بإطلاق دليل الحجيّة لكلّ واحد منهما عند الأخذ به، لا لما ذكره السيّد الاُستاذ من لزوم عدم الحجّيّة عند عدم الأخذ بشيء منهما، بل لأن إطلاق دليل الحجّيّة لخبر زرارة عند الاخذ به معارض بإطلاقه لخبر محمد بن مسلم عند الأخذ بخبر زرارة، وكذلك إطلاقه لخبر محمد بن مسلم عند الأخذ به معارض بإطلاقه لخبر زرارة عند الأخذ بخبر محمد بن مسلم، حيث إنّ المفروض احتمال التعيين في كلّ واحد منهما