المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

616

ثلاثة تعارضات:

1 ـ التعارض بين الدلالة الالتزامية لخبر وجوب صلاة الظهر والمطابقية للخبر الآخر، وهو تعارض بملاك أنّ حجّيّة إحداهما تقتضي التنجيز والاُخرى تقتضي التعذير.

2 ـ التعارض بين الدلالة الالتزامية لخبر وجوب صلاة الجمعة والمطابقية للآخر، وهو ـ أيضاً ـ تعارض بنفس ذلك الملاك.

3 ـ التعارض بين نفس الدلالتين الالتزاميتين وعدم إمكان الجمع بينهما في الحجّيّة: إمّا للعلم الإجمالي بوجوب إحدى الصلاتين، فيلزم من الجمع بينهما المخالفة القطعيّة العمليّة للتكليف المعلوم بالاجمال، أو لأنّ الجمع بينهما في الحجّيّة يستلزم سقوط المطابقيّتين عن الحجّيّة؛ لاستحالة الجمع بينها، وبسقوطهما تسقط الالتزاميتان على ما هو الصحيح من التبعية(1). إذن فلا يمكن الجمع بين الالتزاميتين في الحجّيّة.

وهذا الوجه يتمّ حتّى في مورد يفترض عدم العلم الإجمالي بالتكليف الإلزامي بخلاف الوجه الأوّل أعني لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة، وإذا كان بين نفس الدلالتين الالتزاميتين تعارض فقد سقطتا وبقيت المطابقيتان بلا معارض.

ولكن هذا البيان بهذا المقدار يقال في مقابله: إن كلاًّ من الدلالتين الالتزاميتين لها معارضان في وقت واحد وهما: الدلالة الالتزاميّة مع الدلالة المطابقيّة للرواية الاُخرى، فتتساقط الكلّ في وقت واحد.

المحاولة الرابعة: وهي المحاولة الصحيحة: أنّه متى ما كانت عندنا طائفتان من الأدلّة، وكان كلّ دليل من إحدى الطائفتين معارضاً بدليل من الطائفة الاُخرى، وإحدى الطائفتين في ما بينها مبتلاة بتعارض داخلي، سقطت تلك الطائفة، وبقيت الطائفة الاُخرى بلا معارض. وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فإنّ الدلالتين الالتزاميتين طائفة، والمطابقيتين طائفة اُخرى وما بينهما تعارض، وما بين نفس الدلالتين الالتزاميتين تعارض على ما عرفت من الوجهين في المحاولة الثالثة، فتتساقطان، وتبقى المطابقيتان بلا معارض.

والبرهان على هذه القاعدة نبيّنه من خلال تطبيقه على نفس هذا المثال، فنقول: إنّ الدليلين المتعارضين إنّما يكون تقديم أحدهما على الآخر ترجيحاً بلا مرجح لو لم يكن في هذا التقديم عيب إلاّ محذور هذا الترجيح بلا مرجّح، وذلك بأن كان كلّ من الخبرين تامّاً


(1) يرد هنا ـ أيضاً ـ إشكال إنكار الطولية بين المطابقية والالتزامية في الحجّيّة.