المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

623

الثاني: أن كلاّ من الخبرين يدلّ بالمطابقة على مفاده، وبالتضمّن على الجامع بين مفاده ومفاد أخيه؛ إذ الجامع موجود في ضمن الفرد، فإذا سقط عن الحجّيّة بمقدار دلالته على الخصوصيّة للتعارض، فلتبقَ دلالته التضمّنيّة حجّة.

وفيه: أنّ هذا مبنيّ على قبول التفرقة عرفاً في مفاد دليل الحجّيّة بالنسبة للدلالات التضمّنيّة التي تجزّى بالتحليل العقلي، من قبيل أن يخبرنا المخبر بوجود زيد في الغرفة، ونحن نعلم بعدمه، فنجعل الخبر حجّة في أصل وجود إنسان في الغرفة، وهذا باطل جزماً وليس حاله حال التفكيك بين الأفراد التي يشملها العامّ مثلا في الحجّيّة، فالشرط الرابع مفقود بمعنى أنّ حجّيّة هذه الدلالة التضمّنية وإن كانت داخلة في إطلاق دليل الحجّيّة إلاّ أنّها إنّما كانت داخلة فيه في ضمن حجّية الخبر لاثبات الخصوصيّة، ولم تكن حجّيّته لاثبات الخصوصيّة وحجّيّته لإثبات الجامع فردين داخلين في إطلاق دليل الحجّيّة، إذا سقط أحدهما بقي الآخر.

والصورة السابعة يكون الإشكال الوارد عليها على الإطلاق منحصراً في الإشكال المشترك الذي بيّنّاه، وهو أنّ إيصال مفاد كلا الخبرين غير معقول، وإيصال مفاد أحدهما ثابت بالوجدان، ولا تفيدنا فائدة جديدة؛ وذلك للعلم بصدق أحدهما؛ لأنّ المفروض أنّهما متناقضان، إلاّ أنّنا لو تنزّلنا عن هذا الإشكال بافتراض عدم العلم بصدق أحدهما جاء إشكال آخر في بعض الحالات، وهو أنّه مع عدم العلم بصدق أحدهما نحتمل كذبهما معاً، وعلى تقدير كذبهما معاً يكون المعلوم بالإجمال في بعض الأحيان غير متعيّن حتّى في الواقع، فغير المعلوم بالاجمال ـ ايضاً ـ لا تعيّن له، فتستحيل حجّيّته ثبوتاً، ولا تكون حجّيّته داخلة تحت إطلاق دليل الحجّيّة إثباتاً، فالشرط الأوّل والرابع من الشروط الأربعة منتفيان.

القسم الثالث: أن يكون التعارض ذاتياً على أساس التضادّ.

وأقصد بالتضاد أن يمكن او يحتمل ارتفاعهما، ولا يمكن أو لا يحتمل اجتماعهما، وذلك في مقابل التناقض بمعنى عدم إمكان أو احتمال اجتماعهما أو ارتفاعهما، ومثاله: أن يدلّ أحد الخبرين على الوجوب والآخر على الأباحة بالمعنى الاخص، وهنا يتجه التخيير بصورته الثانية، أعني حجّيّة كلّ منهما بشرط كذب الآخر، فإنّه شامل للشروط الاربعة.

أمّا الشرط الأوّل وهو عدم التنافي بين الحجّيّتين المشروطتين، فتقريب ثبوته على مبنى المشهور من كون التعارض بين الحجّيّتين قوامه الوصول، هو أنّ هاتين الحجّيّتين لم تصلنا إلاّ