المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

627

لأقوائيّته في الآخر، فإطلاق دليل الحجّيّة للآخر لا معارض له، فثبت الترجيح بلا حاجة إلى أصل ثانوي وضمّ دليل على عدم التساقط وليس هناك ارتكاز عقلائي يمنع عن الترجيح.

وفي القسم الثاني يكون إطلاق دليل الحجّيّة لكلّ منهما عند الالتزام بالآخر ساقطاً جزماً: إمّا لعدم الملاك، أو لعدم أقوائيّته فيه للقطع بالتساوي، فيكون إطلاق دليل الحجّيّة لكلّ منهما عند الالتزام به ثابتاً بلا معارض، والالتزام بكليهما ليس عقلائياً، ولو ثبتت حجّيّة كلّ واحد منهما عند الالتزام به ثبت وجوب الالتزام بأحدهما تخييراً؛ لعدم احتمال اختصاص الحكم بمن اشتهى الالتزام دون من لم يشتهه. وبهذا ثبت التخيير بلا حاجة إلى أصل ثانوي.

وفي القسم الثالث يكون إطلاق دليل الحجّيّة لمحتمل الترجيح على تقدير الالتزام به بلا معارض، وبذلك نقطع بثبوت الملاك في الجملة، فيدور الأمر بين التعيين والتخيير.

نعم، في القسم الرابع يكون الأصل الأوّلي هو التساقط ولو ـ على الأقل ـ في خصوص ما إذا كان التعارض بنحو التناقض(1)، فتصل النوبة إلى البحث عن الأصل الثانوي بعد فرض ضمّ دليل ناف للتساقط.

وعلى أيّ حال ففي القسم الثالث والرابع نحتاج إلى تنقيح ما هو مقتضى الأصل عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجّيّة.

ودوران الأمر بين التعيين والتخيير يكون في ثلاثة أبواب:

الأوّل: دوران الأمر بينهما في جعل التكاليف، كما لو دار الأمر بين وجوب الظهر أو التخيير بينه وبين الجمعة. والحق فيه هو أصالة التخيير، لا التعيين؛ لأنّ الوجوب التعييني للظهر وإن كان مبايناً لوجوب الجامع بينهما، لكن أصالة البراءة عن وجوب الظهر لا تعارضها أصالة البراءة عن وجوب الجامع؛ إذ البراءة عن وجوب الجامع لا تجري؛ لأنّها لا ترفع كلفةً؛ لأنّ كلفة وجوب الجامع مقطوع بها؛ إذ هي مشتركة بين وجوب الجامع ووجوب الظهر، ولكنّ وجوب الظهر فيه كلفة زائدة وهي التقيّد بخصوص الظهر. وتفصيل الكلام موكول الى بحث الأقلّ والأكثر.


(1) وتفصيل الأمر ما مضى من أنّه في فرض التناقض يكون مقتضى الأصل التساقط المطلق، وفي فرض التضادّ يكون مقتضى الأصل ثبوت الحجّيّة بمقدار نفي الثالث، وفي أكثر من ذلك يكون مقتضى الأصل هو التساقط.