المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

630

الإجمالي الكبير، وإلاّ كان ذلك كافياً في تنجّز الواقع.

وعلى أيّ حال فقد يقال: إنّ العلم الإجمالي دائر بين المتباينين؛ لأنّ الحجّيّة المطلقة لخبر الوجوب مباينة للأحكام الثلاثة، فلا بدّ من الاحتياط.

والصحيح ـ كما قلناه في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في جعل التكاليف ـ هو: أنّنا ننفي بالبراءة الحكم الأكثر مؤونة، وهو الحجّيّة المطلقة لخبر الوجوب، فإنّ الحجّيّة التخييرية مؤونتها مشتركة بينها وبين الحجّيّة المطلقة لدليل الوجوب، وتختصّ الحجّيّة المطلقة لدليل الوجوب بمؤونة زائدة.

وتفصيل ذلك: أنّ المكلف لو التزم بخبر الوجوب فمؤونة الحجّيّة التعيينيّة والتخييريّة على حدّ سواء؛ إذ بالالتزام به تعيّن كونه هو الحجّة حتّى على التخيير، لتحقّق شرط الحجّيّة المشروطة، وهو الالتزام به، ولو لم يلتزم بشيء كانتا ـ أيضاً ـ متساويتين في المؤونة؛ إذ لو كان خبر الوجوب هو الحجّة تنجّز عليه الوجوب، ولو كان مخيّراً فعليه أن يلتزم بأحدهما، فحيث لم يلتزم بأحدهما فالواقع منجّز عليه، ولو التزم بخبر الإباحة فالحجّيّة التعيينيّة لخبر الوجوب تكلّفه العمل به، والحجّيّة التخييرية لا مؤونة فيه، فثبت أنّ الحجّيّة التعيينية أكثر مؤونة، فتجري عنها البراءة عند الالتزام بخبر الإباحة.

وببيان أعمق نقول: إنّ الوجوب مشكوك فيه، والعلم الإجمالي الكبير قد انحلّ، فإن التزمنا بخبر نفي الوجوب لم تصلنا الحجّة على الوجوب، فتجري البراءة عن الوجوب، فثبتت بذلك نتيجة التخيير.

وإن كان احتمال التعيين في طرف الإباحة ثبتت نتيجة التعيين، إذ الحجّيّة التعيينيّة هنا أقلّ مؤونة من الحجّيّة التخييرية، فإنّ الحجّيّة التخييرية تكلّفه العمل بخبر الوجوب عند الالتزام به، أو عدم الالتزام بشيء، بخلاف الحجّيّة التعيينيّة، فتجري البراءة عن الحجّيّة التخييريّة.

وبتعبير أعمق: لو التزم بخبر الإباحة قطع بحجّيّته، وإلاّ كفانا أنّ الوجوب مشكوك ولم تصلنا حجّة على الوجوب، فتجري البراءة عنه.

وإن كان احتمال التعيين في كلا الطرفين، فسواء التزم بهذا أو بذاك، أو لم يلتزم بشيء، يحتمل تعيّن خبر الاباحة،: أي: لم تصله حجّة على الوجوب، فتجري البراءة عن الوجوب مطلقاً.

وأمّا الفرض الثاني، وهو ما لو كان أحدهما دالّا على الوجوب والآخر دالّا على الحرمة،