المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

634

الحرمة المنسجم مع الإباحة، وإنّما مدلوله عدم الحرمة الملائم والمقارن مع الوجوب، أي: إن مدلوله الالتزامي حصّة خاصّة من عدم الحرمة، وهذا العدم لا يجتمع مع الإباحة، فالدلالة الالتزامية لخبر الوجوب تعارضها الدلالة المطابقية لخبر الإباحة، وكذا العكس، فالدلالة الالتزامية ـ أيضاً ـ تسقط عن الحجّية.

نعم، لو كنّا نقول بالتفكيك بين الأجزاء التحليلية لدلالة واحدة، أمكن أن يقال: إنّ الدلالة الالتزامية كما دلّت على حصّة خاصّة من عدم الحرمة كذلك دلّت ضمناًعلى جامع عدم الحرمة؛ لوجود الجامع في ضمن الحصّة، وقد سقطت دلالتها على الحصّة بالتعارض، وبقيت دلالتها على جامع العدم حجّة، لكنّ هذا طبعاً غير صحيح.

أقول: إنّ هذا الطرح للبحث غير صحيح؛ وذلك لأنّ عدم الحرمة المستفاد من دليل الوجوب وإن كان على تقدير ثبوت الوجوب كما هو مفاد دليل الوجوب مقارناً مع الوجوب، لكنّ دليل شيء يلازم شيئاً آخر إنّما يدلّ على ذات المقارن، لا على المقارن بقيد التقارن. نعم ينتزع من ثبوت كلّ من المفاد المطابقي والمفاد الالتزامي تقارنهما، فأصل دليل الوجوب يدلّ على عدم الحرمة بقانون استحالة اجتماع الضدين، وثبوت الوجوب مع ثبوت عدم الحرمة، يدلّ على عنوان التقارن بقانون تحقّق العنوان الانتزاعي عند ثبوت منشأ الانتزاع، فالمقام ليس من قبيل دلالة دليل الأمر بشيء على الوجوب الغيري لمقدّمته، حيث إنّ وجوب شيء له حصّتان: إحداهما وجوب غيري، والاُخرى وجوب نفسي، والأمر بشيء إنما يدلّ على ثبوت الحصّة الاُولى من الوجوب لمقدّمته، لا جامع الوجوب.

الطرح الثالث: ما لو تمّ لحكم على الطرح الأوّل أيضاً، ويمكن عدّه تعميقاً للطرح الثاني، فلعلّ بيان السيد الاُستاذ كان تعبيراً عرفياً عن هذا الطرح، وهو أن يقال في كلّ دلالة التزامية ـ باستثناء ماهو لازم بيّن بالمعنى الاخص ـ: إنّه ليس عندنا دالّ واحد ومدلولان، فإنّ الدلالة الالتزامية في غير اللازم البيّن بالمعنى الأخصّ دلالة عقليّة وليست لفظية حتّى يقال: عندنا دالّ واحد وهو اللفظ، ومدلولان وهما: المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي، بل عندنا دالّان ومدلولان، فالدالّ الأوّل هو اللفظ، والمدلول الأوّل هو المعنى المطابقي، والدال الثاني هو نفس المدلول الأوّل وهو المعنى المطابقي، والمدول الثاني هو المعنى الالتزامي، فإذا سقطت الدلالة المطابقية عن الحجّيّة فالمدلول الالتزامي بماذا يثبت؟ هل يثبت باللفظ، أو بالمعنى المطابقي؟!

أمّا ثبوته باللفظ فغير صحيح؛ فإنّه ليس مدلولا للفظ. وإنّما هو مدلول للمعنى المطابقي،