المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

639

 

 

 

حكم الخبرين المتعارضين من زاوية روايات الطرح

 

وأمّا بلحاظ ما ورد من روايات طرح ما خالف الكتاب فنقول:

إنّ تلك الروايات على ثلاث طوائف.

الطائفة الاُولى، ما تستنكر صدور ما يخالف كتاب الله، من قبيل رواية أيّوب بن الحرّ، قال: «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف»(1). فكلمة (زخرف) تدلّ على استنكار صدور ذلك عنهم(عليهم السلام)والمراد من عدم الموافقة هو عدم الموافقة بنحو السالبة بانتفاء المحمول، لا السالبة بانتفاء الموضوع، لوضوح ثبوت كثير من المطالب الصحيحة التي لم تذكر في الكتاب، وهذا الحديث معتبر سنداً.

ومن قبيل رواية هشام بن الحكم وغيره عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «خطب رسول الله(صلى الله عليه وآله)بمنى، فقال: أيّها الناس، ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله»(2). بعد حمل قوله: (لم أقله) على الإخبار عن عدم القول، لا التعبّد بعدمه، حتّى يدخل في الطائفة الثالثة التي هي لا تدلّ على استنكار صدور ما خالف كتاب الله، وإنّما تدلّ على عدم حجّيته.

وهذا الحديث ضعيف سنداً.

ومن قبيل رواية أيّوب بن راشد، عن أبي عبدالله (عليه السلام): «مالم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف».(3)

والتحقيق: أنّ هذه الروايات إنّما تشمل رواية تعارض القرآن بنحو لو أخذنا بها لزم طرح القرآن، أو تأويله تأويلا غير عرفيّ، دون رواية لو أخذنا بها لزم تنزيل القرآن من


(1) الوسائل: ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 14، ص 79 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً، وج 27 ص 111 بحسب طبعة آل البيت.

(2) نفس المصدر: ح 15.

(3) نفس المصدر: ح 12، ص 78، أو ص 110 حسب اختلاف الطبعتين المشار إليهما.