المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

646

الطائفة الثالثة: ما يكون مفاده نفي حجّية ما خالف الكتاب كرواية السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه»(1). وسندها ضعيف بالنوفلي.

ورواية جميل بن دراج، وهي صحيحة السند عن أبي عبدالله (عليه السلام): «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، إنّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه»(2).

وهذه مشتملة على عقدين: العقد السلبي، أعني الردع عمّا خالف كتاب الله، والعقد الإيجابي، أعني الأمر بأخذ ما وافق كتاب الله. فنتكلّم أوّلاً في العقد السلبي، وثانياً في العقد الايجابي،وثالثاً في فقه الحديث.

 

أمّا العقد السلبي، فيقال: إنّه دلّ على عدم حجّيّة كلّ خبر خالف الكتاب ولو بمثل الإطلاق والتقييد، أو العموم الخصوص، وغير ذلك من أنحاء القرينية، وأجاب الأصحاب عن ذلك بجوابين:

الأوّل: أنّ المخالفة بنحو القرينيّة لا تعدّ مخالفة.

والثاني: أنّنا نعلم إجمالا بصدور كثير من مخصّصات ومقيّدات ونحوها للكتاب عنهم(عليهم السلام).

أقول: إنّ تحقيق حال هذين الجوابين موقوف على فهم معنى ما جاء في هذه الطائفة من مخالفة الكتاب، فإنّ فيه ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأوّل: أن يكون المقصود المخالفة لمضمون الكتاب من دون لحاظ مؤونة زائدة من حجيّة الكتاب أو عدمها. وهذا هو الظاهر.

الاحتمال الثاني: أن يكون المقصود المخالفة لمضمون الكتاب بشرط ثبوت الحجّيّة اللولائية لذلك المضمون، أي: حجّيّته لولا هذا الخبر المخالف.

الاحتمال الثالث: أن يكون المقصود المخالفة لمضمون الكتاب بشرط ثبوت الحجّيّة الاقتضائية للكتاب حتّى مع وجوب هذا الخبر المخالف، بمعنى أنّه لا موجب لعدم حجّيّته إلاّ


(1) الوسائل: ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 10، ص 78 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً أو ج 27 ص 110 بحسب طبعة آل البيت.

(2) نفس المصدر: ح 35، ص 86، أو ص 119 حسب اختلاف الطبعتين المشار إليهما.