المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

648

القرينة. إذن فروايات نفي حجّيّة المخالف لا تقوى على نفي حجّيّة ما يكون قرينة بالنسبة للكتاب.

هذا. ونحن نرى أنّ الظاهر من هذه الطائفة هو الاحتمال الأوّل، وقد عرفت أنّه عليه لا يتمّ شيء من الجوابين.

فالصحيح في الجواب هو تخصيص هذه الطائفة بما ورد في الأخبار العلاجية، فعن عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: «قال الصادق (عليه السلام) إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة، فما وافق أخبارهم فذروه، وما خالف أخبارهم فخذوه»(1). فنحن نستظهر من قوله: «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان» أنّ المقصود هو علاج مشكلة التعارض بعد فرض أنّ كلاّ منهما في نفسه حجّة، والّا لم نصطدم بمشكلة التعارض، وهذا معناه أنّ الخبر المخالف للكتاب يكون في نفسه حجّة.

نعم، ليس له إطلاق يدلّ على حجّيّة كلّ خبر مخالف للكتاب، وعدم مضرّية أيّ قسم من أقسام المخالفة؛ لأنّه ليس بصدد بيان هذا الحكم، فلابدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن، وهو المخالفة بنحو القرينيّة، بنحو يكون الجمع العرفي في غاية السهولة، بأن تكون المخالفة أدنى درجات المخالفة، فلو لم تكن بنحو القرينيّة، أو كانت المخالفة قويّة وإن كان العرف بالآخرة يجمع بينهما، وذلك كما لو كان العامّ الكتابي قويّاً جدّاً، أو إطلاق الكتاب قويّاً جدّاً وليس مستفاداً من مقدّمات الحكمة فقط، فهنا يسقط المخالف والمخصّص أو المقيّد عن الحجّيّة.

 

وأمّا العقد الإيجابي، وهو أنّ ما وافق كتاب الله فخذوه ففيه احتمالان.

1 ـ تأسيس حجّيّة جديدة غير حجّيّة أخبار الثقاة لكلّ خبر وافق كتاب الله، فتكفي الموافقة للكتاب في حجّيّة الخبر ولو كان راويه من الكذّابين.

ويظهر أثر هذه الحجّيّة في موارد من قبيل ما لو كان العامّ الكتابي مخصّصاً بخبر ثقة له مخصِّص من غير أخبار الثقاة، فإنّ حجّيّة هذا المخصّص الثاني توجب الأخذ بمفاد الكتاب في


(1) الوسائل: ج 18 ب 9 من صفات القاضي، ح 29، ص 84 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً، أو ج 27 ص 118 بحسب طبعة آل البيت.