المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

65

الثوب النجس ليس بأسوأ حالاً من وقوع تمامها في الثوب النجس(1). وهذا بناءً على ما حملوا عليه الفقرة الثالثة من فرض أنّه بعد الصلاة حصل له العلم بالنجاسة في حال الصلاة.

وأجاب السيد الاُستاذ عن ذلك بأنّ ملاكات الأحكام غير معلومة لدينا، ولا يمكننا قياس بعضها ببعض، فلعلّ الملاك الواقعيّ كان بنحو اقتضى هذا التفصيل الغريب عن الذهن(2).

أقول: إن كان مراد الشيخ الأعظم(قدس سره) دعوى أنّه لا يتصوّر عقلاً التفصيل بين الموردين في الحديث بالحكم بالصحّة في المورد الأوّل والفساد في الثاني، أمكن أن يكون هذا الكلام جواباً له، ولكن قد يدّعى وجود التعارض بحسب الفهم العرفي بين الفقرتين، بدعوى: أنّ العرف يتعدّى في الفقرة الاُولى من المورد وهو وقوع تمام الصلاة في الثوب النجس إلى فرض وقوع نصفها فيه، فيرى للفقرة إطلاقاً يدلّ على الصحّة في الفرض الثاني أيضاً، وكذلك يتعدّى في الفقرة الثانية من الفرض الثاني إلى الفرض الأوّل، ويرى لها إطلاقاً للفرض الأوّل.

وهذا المقدار من التقريب يمكن الجواب عليه بارتفاع إطلاق كل منهما بنصّ الآخر.

ولكن قد يدّعى أنّ العرف لا يتعقّل هذا التفكيك بأن يكون وقوع نصف الصلاة في الثوب الطاهر موجباً لأسوئية الحال، بحيث لا يرى لهذا التعارض جمعاً، فيحصل الإجمال لا محالة.

وهذا ـ كما ترى ـ ليس جوابه ما ذكره السيد الاُستاذ من عدم معلوميّة ملاكات الأحكام لنا(3)، بل يكون حلّه بإبراز نكتة يحتمل العرف كونها فارقة. وتوضيح الحال في


(1) راجع الرسائل: ص 331، بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.

(2) راجع مصباح الاُصول: ج 3، ص 52.

(3) الذي أفهمه من مصباح الاُصول هو أنّه ليس مقصود السيد الخوئي إنكار وجود قيمة لارتكازية عدم إمكان التفكيك بين فرض وقوع بعض الصلاة في النجس بالحكم ببطلانها وفرض وقوع كلّها في النجس بالحكم بصحتها وأولويّة الثاني بالبطلان من الأوّل، بل مقصوده إنكار فرض ارتكاز عرفي من هذا القبيل أساساً؛ وذلك لأنّ الحكم بالبطلان لم يكن حكماً له جذور عقلائية في ذهن العرف حتّى يقال: إنّ العرف لا يتعقّل التفكيك، أو أنّه يرى البطلان في الفرض الثاني أؤلى، بل كان حكماً تعبّدياً بحتاً، فلا معنىً لاستبعاد التفكيك، أو ارتكاز الأولويّة.

أقول: إنّ هذا الكلام غريب؛ لأنّ ارتكازية عدم التفكيك في الحكم بين أمرين أو الأولويّة ليست دائماً على أساس ارتكازية نفس الحكم أو أولويّته، بل قد تكون على أساس مناسبة مّا مفترضة لدى العرف بعد فرض