المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

652

3 ـ كونه قطعي الصدور.

أمّا الوصف الأوّل فهو مختصّ بالكتاب. وأمّا الوصف الثاني فهو يشمل الكتاب والسنّة النبويّة وبعض السنن غير النبويّة، كما لو قطعنا بعدم التقيّة لكونها خلاف مذهب العامّة مثلا. وأمّا الوصف الثالث فهو موجود في كلّ سنّة قطعية، نبويّة كانت أو غيرها، كما أنّه موجود في الكتاب، وعندئذ نقول: إنّ الوصف الأوّل بحسب المتفاهم العرفي لا يكون دخيلا في هذا الحكم، فإنّه إنّما يناسب دخله في حكم احترامي، من قبيل وجوب الإنصات مثلا، لا في حكم طريقي يناسب أن تكون الدخيل فيه النكات الطريقية، من قبيل الحجّيّة، وكون القرآن معجزاً وشريفاً لا يوجب نكتة طريقية في سقوط الخبر المخالف له.

ومن هنا يمكن أن يقال: إنّ الدخيل في الحكم إنّما هو الوصفان الأخيران، فنتعدّى إلى السنّة القطعيّة النبويّة، والى سنّة قطعية غير نبويّة مقطوعة الجهة صدفة.

ولكن الصحيح: أنّ الوصف الثاني وهو قطعية الجهة وإن كانت نكتة طريقية يعقل دخلها في الحكم، لكنّها بحسب نظر العرف واقعة تحت الشعاع في جنب الوصف الثالث، وهو قطعيّة السند، فيرى عرفاً أنّ نكتة الحكم هي قطعية السند، فيتعدّى إلى كلّ سنّة قطعية، ويؤيد ذلك أنّه في رواية السكوني نقل الإمام(عليه السلام) هذا الكلام، اعني طرح ما خالف الكتاب عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حين أنّ المائز بين الكتاب وسنّة الرسول(صلى الله عليه وآله) إنّما هو في السند لا في السند والجهة، فهذا يؤيّد كون النظر إلى جهة السند.

السابعة: قد يقال: إنّ المقصود ممّا في الطائفة الثانية والثالثة من الموافقة وعدم الموافقة، ووجود الشاهد وعدمه إنّما هو الموافقة والمخالفة للروح العامّة والاطار العامّ للكتاب الكريم، لا الموافقة والمخالفة المضمونيّة، فمثلا لو وردت رواية في ذمّ طائفة من البشر، وبيان خسّتهم ودناءتهم، وأنّهم قسم من الجنّ، قلنا: إنّ هذا مخالف للكتاب؛ لأنّ الروح العامّة للكتاب مبنيّة على أساس المساواة بين الأقوام والشعوب، وعدم التفرقة بينهم، ولو وردت رواية تحلّل الكذب والإيذاء في اليوم التاسع من ربيع الأوّل، قلنا: إنّها مخالفة للروح العامّة للكتاب، ولكن لو وردت رواية تدلّ على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلا، فهذه موافقة للروح العامّة للكتاب المتّجهة نحو تقريب الناس إلى الله، وجعلهم يناجون ربّهم ويدعونه خوفاً وطمعاً.

ويشهد لهذا التفسير للموافقة والمخالفة اُمور، أحدها ما جاء في بعض الروايات من قول: «إن وجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله إلخ» فإنّه لو كان المقصود الموافقة