المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

659

نقّح في محلّه أنّ المطلق لا يصبّ الحكم رأساً على الأفراد كالعامّ، وإنّما يصبّ الحكم على الطبيعة، وانحلاله إلى أفراد عديدة بعدد الأفراد إنّما هو انحلال عقلي، وفي مرتبة اُخرى غير مرتبة الجعل والخطاب، فرفع اليد عن بعض الأفراد ليس رفعاً لليد عن جزء مدلول الخطاب كما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله).

وأمّا أصل طرح البحث بعنوان تعارض الإطلاق البدلي مع الإطلاق الشمولي، وترجيح الثاني على الأوّل بكونه شمولياً، والأوّل بدلياً فهو أيضاً غير صحيح، فلابدّ من تغيير طرح البحث في المقام. وتوضيحه: أنّ الدالّ على أصل الإطلاق غير الدالّ على بدليّتة أو شموليّته، فليس عندنا في المطلق البدلي دالّ واحد يدلّ على الإطلاق البدلي، وفي المطلق الشمولي دالّ واحد يدلّ على الإطلاق الشمولي حتّى يدّعى ترجيح الثاني على الأوّل؛ لكون هذا شموليّاً وذاك بدليّاً، بل الدالّ على الإطلاق في كلّ منهما شيء والدالّ على البدلية أو الشمولية شيء آخر، فالمطلق البدلي فيه دالّان: أحدهما يدلّ على الإطلاق، وكون الحكم ثابتاً على الطبيعة، والثاني يدلّ على البدليه، وأنّ الطبيعة لو حظت على نحو صرف الوجود، والمطلق الشمولي ـ أيضاً ـ فيه دالّان: أحدهما يدلّ على الإطلاق، والثاني يدل على أنّ الطبيعة لو حظت فانية في تمام الأفراد على نحو الشمول ولو فرض الدالّ على الشمول نفس عدم وجود الدالّ على البدلية بناءً على أنّ الشمول هو مقتضى الأصل في الإطلاق، وأنّ البدلية تحتاج إلى مؤونة زائدة، والمعارضة في الحقيقة إنّما هي بين الدالّين الأوّلين، أي: بين الإطلاقين، لا بين ما يدلّ على البدليّة وما يدلّ على الشموليّة، فنحن لو فرضنا أنّ المطلق البدلي فيه دالّ واحد يدلّ على الإطلاق البدلي، والمطلق الشمولي فيه دالّ واحد يدلّ على الإطلاق الشمولي، لو صلت النوبة إلى البحث عن أنّه هل الإطلاق الشمولي يقدّم على الإطلاق البدلي، أو لا؟ كما بحثوه، لكنّ الأمر ليس هكذا، فإنّ الدال على الشمولية أو البدلية إنّما يدلّ على أنّ الطبيعة لو حظت فانية في الأفراد في عرض واحد، أو لو حظت بنحو صرف الوجود. وأمّا أنّها هل هي مطلقة فلو حظت بنحو الشمول أو البدلية في دائرة أفراد المطلق، أو مقيّدة فلوحظت كذلك في دائرة أضيق، وهي دائرة المقيّد؟ فهذا مطلب أخر، فالإطلاق يثبت بدالّ آخر، وهو مقدّمات الحكمة غير ما يدلّ على البدليّة أو الشموليّة، ولذا قد يقيّد الإطلاق بمقيّد، ولا تنثلم بذلك البدليّة أو المشوليّة، والمعارضة إنّما هي بين الإطلاقين، ولا معنىً لترجيح أحدهما على الآخر بدعوى أنّ هذا شموليّ وذاك بدليّ.

بقي في المقام شيء واحد، وهو: أنّه يمكن أن يدّعى تقديم الاطلاق الشمولي على