المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

66

ذلك: أنّ من صلّى في ثوب نجس ثمّ اطّلع في أثناء الصلاة في غير حالات الاشتغال بأعمال الصلاة على نجاسته، فطهّره وأكمل الصلاة، قد مضت عليه ثلاث حالات:

1 ـ حالة وقوع مقدار من الصلاة في الثوب النجس من دون علم بالنجاسة إلاّ متاخراً.

2 ـ حالة كونية للصلاة في الثوب النجس مع العلم بذلك من دون الاشتغال بعمل صلاتي.

3 ـ الإتيان بباقي الصلاة في ثوب طاهر.

أمّا الحالة الثالثة فلا يتعقّل العرف دخلها في الفرق، بأن يوجب ذلك أسوئيّة الحال وبطلان الصلاة.

وأمّا الحالة الثانية فأيضاً لا يتعقّل كونها هي المبطلة للصلاة بعد أن حكم الإمام(عليه السلام)في نفس الفقرة السادسة بصحّة الصلاة في الشقّ الثاني، أيّ: في غير فرض انكشاف كون النجاسة ثابتة من أوّل الأمر، فإنّ هذه الحالة موجودة هناك أيضاً.

قد تقول: إنّ النجاسة المعلومة في آن من آنات الكون في الصلاة في الشق الأوّل من تلك الفقرة كانت نجاسة بقائية، في حين أنّ النجاسة المعلومة في الشقّ الثاني من المحتمل كونها نجاسة حدوثية، فلعلّ هذا الفرق هو الفارق بأن يكون المبطل للصلاة هو العلم في آن من الآنات الكونية للصلاة بالنجاسة البقائية، لا بمطلق النجاسة ولو الحدوثية.

ولكن إن لم نقل: إنّ هذا بنفسه تفكيك غير عرفي وإنّ العرف لا يحتمل دخل حدوثية وبقائية النجاسة في الصحّة والبطلان، قلنا: إنّ هذا خلاف ظاهر تعليل الإمام(عليه السلام) لصحّة الصلاة في الشقّ الثاني باستصحاب عدم النجاسة إلى حين الرؤية؛ إذ لو كان المبطل هو الوجود البقائي للنجاسة لا ثبوت النجاسة من أوّل الأمر، لكان استصحاب عدم النجاسة بذاته غير مصحّح للصلاة، وإنّما الذي يصحّح الصلاة هو لازمه وهو عدم كون النجاسة الفعلية بقائية.

 


ثبوت الحكم تعبداً، وما نحن فيه من هذا القبيل، فصحيح أنّ أصل بطلان الصلاة بوقوع بعضها في النجس ليس أمراً ارتكازياً أو عقلائياً، بل هو أمر تعبّدي، لكن الذهن العقلائي العرفي يستبعد بعد فرض ثبوت هذا الحكم ـ ولو تعبداً ـ عدم ثبوته في فرض وقوعها تماماً في النجس؛ لأنّه يرى أنّ مناسبة هذا الحكم ـ لو كان ـ تكمن في قذارة مّا وقعت فيها الصلاة التى هي معراج المؤمن الموجودة في الفرض الثاني بشكل أقوى.

وبكلمة اُخرى: أنّ مبطليّة وقوع جزء من العمل الصلاتي في النجس وإن لم تكن ارتكازية، لكن عدم مبطلية وقوع الجزء الآخر منه في الطاهر أو عدم مصحّحيّة وقوع الجزء الآخر منه ـ أيضاً ـ في النجس ارتكازي.