المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

661

النسبة بين العامّ ومخصّصه قبل ملاحظتها بين العامّين المتعارضين مثلا، وقد ذهب المحقّق النائيني(رحمه الله) والسيد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ إلى تماميّتها، حتّى أنّ السيّد الاُستاذ ادّعى أنّ هذا من المطالب البديهيّة التي يكفي تصوّرها في مقام تصديقها، وذهب المحقّق الخراساني (رحمه الله)إلى عدم تماميّتها، وهو الحق.

والذي يتحصّل من مجموع بيانات مدرسة المحقّق النائيني(رحمه الله) إذا أردنا إرجاعها إلى تعبير محدّد هو أحد تعبيرين:

 

التعبير الأوّل: أنّه قد فرغنا في ما سبق أنّ أحد المتعارضين لو كان أخصّ من الآخر قدّم عليه، وعندئذ نقول: إنّ المتعارضين طبعاً هما الدليلان اللذان يكون كلّ منهما في نفسه حجّة لولا المعارض، ولو فرض أحدهما غير حجّة فلا معنىً للتعارض، بل يبقى الدليل الآخر حجّة من غير معارض، فقوام كون الدليل معارضاً لدليل آخر يكون بحجّيّته، فنحن في تشخيص طرف المعارضة يجب أن نرى ما هي الحجّة المنافية حتّى تكون هي المعارض، وعليه نقول في المقام: إنّ قوله: ( لا تكرم العلماء) يصدق عليه هذا العنوان، وهو أنّه حجّة منافية لأكرم العلماء. وأمّا قوله: (أكرم العلماء) فلا يصدق هذا العنوان إلاّ على جزء من مدلوله، وهو في العلماء العدول؛ إذ هو لا يكون حجّة بغضّ النظر عن معارضه، إلاّ في العدول؛ لأنّه قد خرج منه الفسّاق بالمخصّص المنفصل، فهو بهذا المقدار حجّة منافية لقوله: (لا تكرم العلماء) وعليه فيتقدّم على قوله (أكرم العلماء) بالأخصّيّة.

ويرد عليه: أنّ ما ذكر في هذا التعبير من أنّ المعارضة فرع ثبوت الحجّيّة لولا المعارض، وأنّه لو لم يكن حجّة في نفسه لم يكن معارضاً وإن كان صحيحاً، لكنّ دعوى كون ميزان التقديم هو أخصّيّة المعارض بما هو معارض أوّل الكلام؛ وذلك لأنّ هنا عنوانين: أحدهما: عنوان كون الخبر حجّة، والثاني: عنوان كونه ظاهراً في المعنى الفلاني، والميزان في المعارضة هو العنوان الأوّل، أي: إنّه لولا كونه حجّة لم يكن معارضاً، لكن كون الميزان في التقديم والقرينيّة هو الأخصّيّة بالعنوان الأوّل غير معلوم، فلعلّ الميزان في التقديم والقرينيّة هو أخصّيّة هذا الخبر بمقدار ماله من ظهور، لا بمقدار ما له من حجّيّة، فهذا يحتاج إلى استيناف بحث جديد لم يفرغ عنه سابقاً، ولا يتضمّنه هذا المقدار من التعبير.

 

التعبير الثاني: أنّ الدلالة لها ثلاث مراتب: