المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

662

1 ـ الدلالة التصوّرية، وهي ثابتة للكلام ولو مع القرينة المتّصلة على الخلاف، فلو قال: (رأيت أسداً، وأعني به الرجل الشجاع) حصل في الذهن لا محالة تصوّر الحيوان المفترس.

2 ـ الدلالة التصديقية الاُولى، وهي ظهور الكلام في مراد المتكلم، وهذه الدلالة تنثلم بالقرينة المتّصلة، لكنّها لا تنثلم بالقرينة المنفصلة.

3 ـ الدلالة التصديقية الثانية، أي الكشف الفعلي عن المراد الجدّي، وهذا ينثلم بالقرينة المنفصلة أيضاً.

فلو كان الميزان في التقديم بالأخصّيّة هو أخصّيّة الدلالة الاُولى أو الثانية، لم يصحّ انقلاب النسبة، ولو كان الميزان هو أخصّيّة الدلالة الثالثة فهي ثابتة في المقام؛ لأنّ قوله: (أكرم العلماء) لا يكشف كشفاً فعلياً عن المراد الجدّي إلاّ بلحاظ العدول؛ لأنّ الفسّاق قد خرج عنه بالتخصيص وعليه فيكون أخصّ من (لا تكرم العلماء).

ويرد عليه: أنّه إن اُريد بالدلالة التصديقية الاُولى ظهور الكلام في المراد الاستعمالي، وظهوره في المراد الجدّي، وأعني بالأوّل ما استعمل المتكلم اللفظ فيه ولو هزلا مثلا، وبالثاني ما كان جادّاً فيه، فلا توجد وراء ذلك دلالة اُخرى للكلام، ولا يبقى شيء آخر عدا الحجّيّة، إلاّ أنّه عبّر عنها بتعبير مُلتو، وهي الكشف الفعلي عن المراد الجدّي، فمرجع هذا الكلام إلى أنّ ما هو حجّة في وجوب الإكرام يكون بما هو حجّة أخصّ من قوله: ( لا تكرم العلماء)، فيرجع ذلك إلى التعبير الأول.

وإن اُريد بالدلالة التصديقية الاُولى الدلالة الاستعمالية، فعندئذ توجد وراء هذه الدلالة دلالة اُخرى وهي الدلالة التصديقية الجدّيّة، أعني ظهور الكلام في كون المراد الاستعمالي مراداً جدّيّاً، إلاّ أنّ هذه الدلالة ـ أيضاً ـ لا تنهدم بالقرينة المنفصلة، فإنّ قوامها بظهور حال المتكلّم في جدّيّة ما يظهر من الكلام بكلّ ما تحفّ به من قرائن متّصلة، وبعد انعقاد هذه الدلالة بلحاظ هذا الظهور الحالي لا معنىً لانثلامها؛ فإنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه.

وتحقيق الكلام في المقام: أنّ المحقّق النائيني (رحمه الله) يريد تطبيق نفس مباني تقديم الخاصّ على العامّ ونكاته على المقام، ولا يدّعي هنا كبرىً جديدة تطبّق على المقام، ونحن نقول: إنّ تلك الكبريات والمباني لا يمكن انطباقها على المقام، فنزاعنا معه صغروي، وتوضيح ذلك يكون بالرجوع إلى مباني تقديم الخاصّ على العامّ، ونحن نتكلّم فعلا على مسلك المحقّق النائيني (رحمه الله)في تقديم الخاصّ على العامّ: فنقول:

إنّ المخصّص لو كان متّصلا وكان مضيّقاً لمدخول العامّ كما في (أكرم كلّ عام عادل) فلا